للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خاصة، إلى الورد بنسبة خاصة فيخرجون بعد ذلك رائحة تطيب للغواني وعشاقهن

- ما هذا؟ لقد فتحت ليّ باباً لم أكن أحسب أنه مسلك إلى الفن. . .

- ولا مسلك غيره يا بني. . . ولا يمكنك أن تخطو في سبيل الفن خطوة واحدة حتى تعبر هذا المدخل. . .

- فإذا عبرناه وأردنا أن نخطو في سبيل الموسيقى الخطوة الأولى فكيف نخطوها؟

- كما خطونا في دراسة الأدب الخطوة الأولى. فكل صوت في الموسيقى يشبه الحرف في الكلام، والنغمة تعادل الكلمة، ومجموعة النغمات تعادل العبارة أو الجملة وهي التي تسمونها في معهدكم (فرازا) وهي كلمة إيطالية معناها (عبارة) ولكنكم قد لا تعلمون هذا. . . ومجموعة العبارات الموسيقية هذه يتألف منها اللحن الذي نسمي ضريبه في الأدب موضوعاً، وفي الرسم صورة. وموضوع الأدب تقرأه فتخرج منه إما بفكرة وإما بعاطفة وإما بشيء من هذه الأشياء التي اتفقنا على أن الأدب يعالجها. واللحن، أو الموضوع الموسيقي، إذا لم يؤد ما يؤديه الموضوع الأدبي لم يكن شيئاً. وأنت إذا لم تستطع أن تعبر بلحنك عن عاطفة أو فكرة أو صورة صوتية لم تكن موسيقياً، وكان من الخير لك - كما كررت عليك - أن تقلع عن الموسيقى

- لم أفهم شيئاً

- لأنك من تلاميذ معهد الموسيقى. اسمع مرة أخرى. في الطبيعة موضوعات تصلح مادة للأدب، وفيها موضوعات تصلح مادة للرقص (وهي الموضوعات الحركية) وفيها موضوعات تصلح مادة للموسيقى. . وهكذا. . . أما الموضوعات التي تصلح للأدب فقد تعرفناها، وأما الموضوعات التي تصلح للرسم فلعلك تعرف أنها هذه الأشكال وهذه الألوان التي تراها العيون فينقلها الرسام الجامد نقلاً أميناً، ويلفقها الرسام المهندس تلفيقاً جديداً، ويؤلف منها الرسام ذو الروح، والفكرة، والعاطفة موضوعاً ذا أشكال وألوان يعبر بها عن فكرته وعاطفته. . . والأمر في الموسيقى لا يختلف عن هذا. . . فأصلها مأخوذ من أصوات الطبيعة، فأهون الموسيقيين هو من يقلد صوت البلبل، وحفيف الشجر، واصطخاب الموج، وقصف الرعد، وهزيم الريح. . . كل صوت على حدة. وأشد منه تمكناً من الفن هو الذي يجمع هذه الأصوات في موضوع صوتي أو في لحن كما تسميه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>