للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأعود فأقول: لو أن المريخ، وهو الذي يحجب الضوء عنه سحب كثيفة، كان مسكوناً بكائنات تفكر مثلنا نسميها المريخيين لما استحال عليهم أن يعرفوا أن سيارهم أيضاً يدور حول نفسه، كما تدور الأرض حول نفسها، ولاستطاعوا أن يؤكدوا ذلك برغم ما يحيط به من سحب كثيفة تحجب عن أهله ضوء الشمس، وهي سحب لم نعهد مثلها حول الأرض، بل لما استحال عليهم أن يحددوا فترة الليل والنهار الخاصة بهم، فما عليهم إذا كانوا ينعمون بدرجة ذكائنا، وكانت لهم طريقتنا في استقراء الأشياء، إلا أن يعقلوا كرة من خيط طويل يدعونها تهتز، فإنهم سيدركون أن الكرة لا تهتز فحسب، بل إن المستوى الذي تهتز فيه يدور حول نفسه، وبحساب بسيط يمكن للمريخيين إذن أن يحددوا فترتي الليل والنهار.

عسى أن يكون قد علق بذهن القارئ بعد هذا الجهد الذي واصلناه مدى أربع مقالات عن (الكون يكبر) ثلاثة أمور: الأول أننا أبناء كون محدود مكون من عوالم كلها على حيز وغلاف كروي. الثاني: أن هذا الغلاف الكروي يتسع ويتمدد على نحو كرة من المطاط، وان ثمة قوة تدعو لهذا التمدد الذي يجعل كل العوالم يبتعد بعضها عن بعض، وأننا الآن في هذه المرحلة من الابتعاد والتمدد التي بدأت منذ بلايين من السنين.

الثالث أن ثمة علاقات ثابتة بين الكون في مجموعه وأصغر ما فيه وهو الإلكترون

وأضيف إلى هذه الأمور الثلاثة انه ليس لنا أن نحاول نعرف شيء خارج عن هذا الكون المحدود.

هذا هو الكون وفق احدث الآراء. وقد يتساءل فريق من القراء عما وراء الكون المحدود. وقد يجيز هذا الفريق لنفسه أن يتصور عوالم خارجة عن نطاقه، ولعل السبب في ذلك هو مطالبتنا له بالاعتراف أن الكون محدود وليس لدينا اليوم جواب على هذا سوى أن نكرر أن الكون الذي نرى ونسمع ونتحرك فيه ونعرف منه قوانيننا الطبيعية الحالية هو كون محدود ليس لنا أن نتساءل عن غيرة مادامت الظواهر الطبيعية التي نعرفها تنتشر في مثل هذا الكون وكل شئ يدل على إنها لا تتعداه. ولكن ماذا بعد الكون؟ سؤال يتردد على الذهن!

إن نمله نّفْتّرُضها متأملة خرجت لأول مرة من كومة صغيرة من الرمل وجدت نفسها بطريقة المصادفة إزاء ثقب في سجاد مفروش في سرادق فسيح مقام في جهة قضى نحبه

<<  <  ج:
ص:  >  >>