للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا سألت عن تاريخها قابلك محدثك بألفاظ تفهم منها:

(لا أعرف، فإذا رجعت إلى كتب التاريخ، وقابلت بين السنة العربية والإفرنجية وجدت ١٢٠٤=١٧٨٩، وسنة ١٢٦٥ تقابل ١٨٤٨ والأول هو تاريخ ميلاد إبراهيم باشا، والثاني هو تاريخ وفاته في نوفمبر من تلك السنة. فهل تشك بعد هذا في أنها لوحة تذكارية لتخليد ذكرى ذلك البطل الفاتح؟ وهلا تأسف بعد هذا أن تجد لوحة تذكارية تحتاج إلى ما يذكرنا بها؟ ولكنها ضريبة الزمن وضريبة حياة المكاتب التي يعيشها موظفونا بل ومعلمونا، أنستنا لا لوحاتنا التذكارية فحسب، بل أيضاً تاريخ هذه اللوحات فأصبح سرها في بطون المقابر بدل أن يحيا في أذهان الناس وقلوبهم. فهذه المواد الخرساء عاشت على رغم إهمالها فتكلمت عن ماضينا ونددت بحاضرنا إذ كشفت جهلنا الفاضح.

حياة عملية

والحقيقة أن هيئة التدريس بالمدرسة أجهدت نفسها لكشف تواريخ هذه الآثار، إلا أن كل من قابلناهم من طلبة المدرسة القدماء لا يذكرون من أمرها إلا أنهم التحقوا بالمدرسة فوجدوها. وهم يؤاخذون لأنهم تجاهلوها منذ ذلك التاريخ فلم يهتموا بأمرها ولم يسألوا عن سبب وجودها. ولو اهتم أحدهم بالسؤال عنها وقتئذ لكانت هذه الآثار أكثر أهمية مما هي الآن. فإن قيمة الأثر تزداد كلما زادت معلوماتنا عنه وتقل كلما قلت. وإذا كنت أحب أثراً فإني أحبه لأنه يرجع بي إلى الماضي فيعطيني صورة ذهنية لما كان يحدث في تلك الأيام سواء أكانت قريبة أم بعيدة.

ولعل أساتذة هذه المدرسة كانوا في شغل عن تتبع هذه الذكريات بما عهد إليهم من عمل. فالحياة في هذا المعهد خليط من النظريات العلمية والخبرة العملية. وهي تشغل في عهدها الجديد مساحة ثلاثين فداناً منظمة على أحدث نظام ومعدة بأحدث الآلات. ويمكننا أن نقسمها إلى ثلاث أقسام: الورش والمعامل وحجرات الدراسة. وقد أعدت جميعها على آخر طراز بحيث يتخرج الطالب من المدرسة وهو معد بكلا السلاحين العلمي والعملي.

ففي الورش يجد الطالب المجال متسعاً أمامه ليتقن الصناعة التي ارتضاها لنفسه. وفي حجرات الدراسة يجد النظريات العلمية التي يمكنه أن يستفيد منها في مهنته. وفي المعامل يجد الآلات الكيميائية والطبيعية معدة للبرهنة على النظريات التي لم تطبق بعد في الإنتاج

<<  <  ج:
ص:  >  >>