للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كبيراً جلب له الأشجار الغريبة من البلاد البعيدة وبنى به منظرة عالية ومغارة مجللة بالودع، وقد أدركنا بقايا ذلك. وكان من مزايا هذا البستان احتواؤه على أنواع كثيرة من الأشجار والنباتات المحتاج إليها في الطب، ومن طالع كتاب المادة الطبية للرشيدي المسمى عمدة المحتاج يرى عجباً مما كان فيه من هذه الأنواع، وكان قصد العزيز إبراهيم رحمه الله الاستغناء بها عن جلب العقاقير من البلاد الإفرنجية بقدر المستطاع.

وقد أنشأ أمراء ذلك العصر وسراته القصور والبساتين الأنيقة بالجزيرة، وكان للخديو إسماعيل بن العزيز إبراهيم قصر بديع في وسطها على الشاطئ الشرقي تحيط به حديقة غناء ثم أهملت من بعدهم وهجرت فدب إليها الخراب وأدركناها جميعاً وهي خاوية على عروشها، وانحط شأن الجزيرة إلى أن أنشئت فيها الجسور الثلاثة: جسر محمد على، وجسر الملك الصالح بينها وبين مصر القديمة، وجسر عباس بينها وبين الجيزة، فعاد إليها الانتعاش وأقبل الناس على البناء بها فهدمت قصورها وبيعت أراضيها قطعاً وامتلأ الثلث الجنوبي بالدور الصغيرة والكبيرة ولكن على الطراز الإفرنجي الجديد وقطع ما كان بها من الشجر والنخل وحطمت عروش الكروم فعريت من الظلال وزالت عنها مسحة الملاحة القديمة بعد أن كانت ببساتينها وحقولها قرة للعيون وفرجة للمحزون.

<<  <  ج:
ص:  >  >>