للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من برجنا العاجي]

من المسؤول عن فتور الحركة الأدبية الملحوظ في مصر؟ لا ينبغي أولاً أن نعلل ذلك بالحوادث الدولية، فإن الفتور كان دائماً موجوداً في جونا الأدبي قبل أن تنشأ هذه الظروف. ثم إن المشاكل السياسية وتأثيرها في النفوس والشعوب لم تحل في أوربا دون اهتمام الناس بشؤون الفكر وعناية الجمهور بالكتب والأدب، فما زالت الصحف الأدبية تتحدث هناك عن ظهور الكتب الجديدة والأدباء الجدد بعين الحماسة التي تتحدث بها في كل زمان. وما زالت المسابقات الأدبية والجوائز السنوية تهز الناس وتثير نشاط الكتاب كما تفعل في كل حين فأحداث السياسة مهما عظم خطرها لا يمكن أن تشل في أي بلد متحضر حركة الفكر والفن فيها. فالأمة الراقية شأنها شأن الإنسان الحي مهما عرضت له من الحوادث فإن رأسه دائماً هو الرأس اليقظ الذي لا يني عن التفكير.

إذن ما بال هذا الرأس في بلدنا نائماً؟ وما بال الناس لا يشعرون أن في مصر أدباً يتحرك ويتطور؛ وان فيها أدباء يعملون وينتجون؟ ما يكاد يمضي شهر حتى تخرج المطابع كتباً في الشعر والنثر، وما يكاد يمر يوم حتى يجيئني البريد بكتاب جديد أو بديوان شعر جديد. كم من الأدباء الجدد والكتاب الناشئين يخرجون عندنا في كل عام أعمالاً جديرة بالكلام؛ بل كم من الأدباء الناضجين ينشرون آراء خليقة بالمناقشة؛ ولكن كل شيء يمر في فتور كأنها نسمات في مدينة الأموات. ما العلة؟ العلة بسيطة. ما من أحد في هذا البلد يبدو علي التحمس الملتهب لشؤون الفكر والأدب. إن علة الفتور هي الأدباء أنفسهم. إنهم في ميدان الأدب أقل نشاطاً منهم في ميدان السياسة مثلاً. إنهم يكتبون في الأدب وكأنهم ناعسون. إن أقلامهم لا تثير في جو الفكر حراكا. وهنا الفرق بين أدبائنا وأدباء أوربا. إنهم هناك في يقظ أدبية ومن كان في يقظة استطاع أن يوقظ الآخرين.

توفيق الحكيم

طريق علاج المشكلة

وبعد. . . يا أيها الأغنياء؟!

للأستاذ علي الطنطاوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>