للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أطلنطس القارة المفقودة!]

للدكتور محمد عوض محمد

في زعم طائفة من الكتاب أن المحيط الأطلسي الشمالي لم يكن في جميع العصور بحراً خالصاً، بل كانت تحتله قارة عظيمة تصل ما بين العالم القديم والعالم الجديد. وهذا الزعم هو ما نريد أن نعرض له في هذا المقال.

من أهم ما يمتاز به المحيط الأطلسي - في وقتنا هذا - أنه قليل الجزر. فإذا صرفنا عن الجزائر الملاصقة للسواحل، مما يعده الجغرافيون جزءاً متمماً للقارات، فان هذا المحيط عبارة عن مساحة هائلة من الماء، ليس فيها من الجزر سوى الشيء القليل جداً.

هذه حالة المحيط اليوم، لكن هذه لم تكن حالة المحيط في كل عصر وزمن. فان تعاقب الماء واليابس على الجزء الواحد من سطح الأرض، من الحقائق الجيولوجية المسلم بها. وليس هنالك خلاف في أن أمريكا الشمالية كانت متصلة بأوربا، وأمريكا الجنوبية بأفريقية في زمن جيولوجي قديم.

غير أن القائلين بوجود جزيرة عظيمة أو عد جزر كبيرة في وسط المحيط الأطلسي ما بين ما هو اليوم أمريكا، وبين ما هو اليوم أوربا وأفريقية، أطلقوا عليها اسم قارة اطلنطس - هؤلاء الكتاب يزعمون أن هذه القارة لم تكن موجودة في زمن جيولوجي قديم، يرجع إلى ملايين السنين، بل إلى عهد حديث جداُ، عهد نشأة الإنسان واستعماره لسطح الأرض. ولقد يسرف بعضهم فيزعم أن هذه (القارة) كانت موجودة قبل العصر التاريخي، بحيث كان المصريون القدماء يعلمون من أمرها الشيء الكثير.

من المهم إذن أن نقرر أن الاتصال بين شرق المحيط وغربه في زمن جيولوجي قديم، ليس موضع البحث، وليس هو بالأمر الذي يعنى به هؤلاء الكتاب، بل الذي يعنيهم وجود اليابس في هذه المساحة العظيمة التي لا نرى فيها اليوم سوى الماء، وذلك في عصر حديث شهده الإنسان في أول نشأته.

والآن نتساءل: هل هناك من شاهد على صحة ما ذهب إليه أولئك الكتاب؟

قبل أن نعرض لآراء أصحاب هذا المذهب يحسن بنا أن نكون على حذر من أمرين: أولهما أن وجود هذه القارة أمر يرتاح إليه الخيال البشري المولع دائماً بالغريب المدهش

<<  <  ج:
ص:  >  >>