للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من هذه القذائف. وفي ظني أن الذين قاموا بنقلها من مكانها الأولي وأزعجوها من راحتها الابدية، لم يعيروا هذه القذائف الدائمة أية التفاتة، فهم لا يعرفونها. ومن يدري؟ فقد تكون هذه القذائف مدمرة لها على طول الزمن ومتلفة لعناصر وجودها. أو يصح لنا إذن أن نعتقد أنه كان لخوفو منشئ الهرم الأكبر نوع من الغريزة جعلته يشعر بضرورة بناء ضريح في ضخامة الهرم لحماية رفاته من كل عوامل التبديد؟

لا شك أن خوفو وأمثاله كانوا يجهلون الأشعة الكونية؛ وكأنهم عمدوا إلى الاحتياط من تلك الأشعة الكونية التي نلخص في هذا المقال موضوعها، والتي تعد من أعجب ما نعرفه في مراحل العلم الحديث بقوة طاقتها التي تفوق آلاف المرات طاقة أشعة الراديوم وقوة اختراقها للأشياء، فتخترق ما يبلغ سمكه بضعة أمتار من الرصاص. وقد شرحنا كيف يستطيع العلماء تسجيل صور مسارات جسيماتها بعد اختراقها كتلة كبيرة من المادة، وشرحنا كيف يسمعون إنذاراً بمرور قذائفها التي لها أقوى الأثر على المادة التي تخترقها

ونتكلم اليوم عن الفكرة في مصدر أو أصل هذه الأشعة الخارقة لما اعتدناه من إشعاع. ويَجمُل قبل ذلك أن نذكر كلمة أخيرة عن بعض النتائج الهامة في دراسة هذه الأشعة. وهذه النتائج هي مادة لموضوعات مختلفة نكتفي هنا بالإيماء إليها:

الموضوع الأول هو تقسيم العلماء هذه الأشعة إلى نوعين: النوع الأول جسيمات رخوة نتجت عن الأشعة الكونية وليست هي الأشعة ذاتها. والنوع الثاني جسيمات صلبة جزء من الأشعة الكونية نفسها قبل اختراقها طبقات الهواء أو الأرض.

وهذا التقسيم إنما جرى تبعاً لمقدار المادة التي تستطيع الأشعة النفاذ فيها. وللعالم روسي تجارب تدعو للإعجاب في وضع ستائر من الرصاص يعرف بواسطتها أولاً اتجاه الأشعة، وثانياً درجة نفاذها في المادة التي تصادفها وأثرها عليها. وفي ذلك يستعمل روسي عدادات الإلكترونات وغرفة ولسون مجتمعة في تجربة واحدة

الموضوع الثاني هو دراسة تغير هذه الأشعة تبعاً لخطوط العرض؛ ولهذا أثر هام في معرفة ما إذا كان منشأ الأشعة خارجاً عن نطاق المحيط الأرضي. وقد أدت هذه الدراسة إلى أن هذه الأشعة تنقص بمقدار حوالي ١٤ % عندما تقترب من خط الاستواء. وهذا ناتج من أثر المجال المغناطيسي الأرضي واختلاف شدته من منطقة إلى أخرى. وقد بَيَّن ذلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>