للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يشبه شراب الكحول المشوب بالأفاويه وقد عبده اليمانيون عبادة مدهشة وتفانوا في محبته حتى أنهم ليصرفون في سبيله ما لا يصرفون في غذائهم الضروري وهم يمضغونه كل يوم في ساعات مختلفة من النهار؛ ولهم في طريقة جمعه حماسة غريبة؛ وتغمرهم في أثناء مضغه أمواج من الفرح والأنس، ويرون الدنيا به واسعة تشعُّ فيها ألوان مورّدة زاهية!

ويشعر الماضغ مبدئياً بنشوة مؤقتة، ولكن سرعان ما يعقبها ارتخاء في الأعضاء، وانحطاط في القوى، وهمود في العواطف يشبه التخدير. والإفراط فيه يسبب انقباضاً وميلاً دائماً إلى النوم. وآثاره لا تقف عند هذا الحد فقط، بل إنه يخمد الغريزة الجنسية، ويتسرب ماء الحياة من الرجل مختلطاً ببوله! وإذا بلغ الرجل دور الكهولة فقد فقد كل حيوية وانقطعت بينه وبين زوجه أسباب الاتصال!

ومع كل هذه الأضرار فاليمانيون لا يستطيعون أن يعيشوا في الوجود بدون قطف هذه الأوراق العجيبة! ومن الطبيعي أن هذا النبت الذي تنتجه اليمن لا يمكن أن يكون كله في مستوى واحد من القيمة والجودة. فالأغصان التي تنمو على منحدرات جبل صَبِر هي أفضلها وأجودها وقد كان لها في يوم ما ازدهار عظيم وسوق رائجة. . .

(يتبع)

محمد عبد الله العمودي

<<  <  ج:
ص:  >  >>