للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فذكر أنها تقوم على أساس الاعتراف بحقوق السلطان والامتيازات التي حصلت عليها مصر والاعتراف بالخديو كحاكم دستوري، والتسليم بقاعدة المراقبة الثنائية ثم إنكار كل اتجاه ثوري، منح الحرية الدينية والسياسية لجميع سكان البلاد والسير على قاعدة الحكومة المسؤولة أمام مجلس نيابي

ولن يكون في الإمكان يومئذ السير على منهاج خير من هذا المنهاج الحكيم الذي كان خليقاً أن يبعث الطمأنينة في نفوس الساسة من الدولتين؛ وكذلك لم يكن هناك برهان على حسن نيات الوطنيين أقوى مما نشرته التيمس لمستر بلنت وهو شاهد عدل من الإنجليز على المصريين

ولكن المسألة لم تكن مسالة اقتناع وإنما كانت نية مبيتة، وهيهات أن تجري الأمور في السياسة على الإقناع والاقتناع، فدوافع الأقوياء إلى العمل في ذلك المضمار أطماعهم وبرهانهم أسلحتهم، وما يكون الكلام إلا تعلة الضعيف. وما أشبه كلام الضعفاء مثل هذه المواقف بصراخ الفريسة قبل تمزيقها

ويذكر مستر بلنت في كتابه سبباً لانحياز إنجلترا إلى فرنسا؛ فيقول إن إنجلترا كانت تسعى إلى عقد معاهدة تجارية مع فرنسا فيها فائدة كبيرة للتجارة البريطانية؛ ومن أجل ذلك هاودت إنجلترا فرنسا وطاوعتها فيما تقترح في شؤون مصر فباعت إنجلترا بذلك مصر إلى فرنسا

وما نظن إنجلترا كانت من الغفلة بحيث تتنازل عن أغراضها في مصر من أجل مثل هاتيك المعاهدة التجارية، وإنما الذي نفهمه أن إنجلترا كانت تراوغ فرنسا لتفوز بهذه المعاهدة ثم تقف من فرنسا بعد ذلك فيما يتعلق بمصر موقف الاتفاق في الظاهر، بينما هي في الباطن تعمل وفق ما تمليه عليها أطماعها. ومما يؤيد ذلك التحفظ الذي أبدته أنجلترا وأقرته فرنسا ومؤداه: (أن الحكومة الإنجليزية يجب ألا تعد بسبب هذه المذكرة مقيدة بسلوك خطة عمل خاصة إذا ما بدا لها أن العمل ضروري)، ولسوف نرى من سياسة إنجلترا في مصر ما يؤيد ما نقول

تم الاتفاق بين الدولتين، وكان المجلس في مصر كما تقدم يخالف الوزارة في مسألة الميزانية، وكان العقلاء من الوطنيين يعملون على الخروج من المأزق بالحسنى، ولاحت

<<  <  ج:
ص:  >  >>