للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تسترد حالتها الطبيعية متى زال الخطر أو انتشلناها من المحيط الذي كانت فيه.

ثم إنه ليس صحيحاً أن الوتر في الآلة الموسيقية يهتز اهتزازاً (ذاتياً) عندما يدق الإنسان على وتر مقابل. والذي يحصل تماماً هو أن اهتزاز الوتر الأول يهز ذرات الهواء الموجودة في محيطه، ويحدث هذا الاهتزاز أمواجاً تسبح في فضاء الكون بأسره. ولما كانت هذه الذرات قريبة من أخواتها فإنها تحدث بواسطة الأمواج الآنفة الذكر اهتزازاً تنقله هذه بدورها إلى الوتر المقابل؛ وبهذه الطريقة نفسها ينتقل الصوت من أقاصي الأرض إلينا عندما نجلس إلى الراديو.

التفاعل مع البيئة

وهناك اختلاف آخر بين الأحياء وبين الجمادات: هو تبادل التأثر بينها وبين المحيط، وهذا يختلف في الأولى عنه في الثانية. فبينما لا يكون التأثر عند الأحياء إلا بقصد الحصول على فائدة ما أو الخلاص من خطر داهم إذا به ليس كذلك عند الجمادات. ونحن لا نستطيع أن نفهم الجسم الحي مستقلاً عن محيطه، فهو ناقص بدونه بخلاف الجمادات التي لا أثر للمحيط فيها إلا بقدر ما يكون بينها وبينه من تفاعل كيميائي لا يتم إلا بتدخل عناصر غريبة عنها. فهذه الورقة التي أكتب عليها لا تتأثر مطلقاً بانعدام الأكسيجين في الغرفة، وكل إنسان يعرف ما يقع للكاتب عندما يحصل ذلك لا سمح الله. والدور الذي يلعبه الأكسيجين في عالم الأحياء هو الفرق الجوهري بينها وبين الجمادات.

نظرية (نوموغرام) الدم للبروفسور هندرسن

كلنا يعرف ضرورة غاز الأكسيجين للكائنات الحية. والواقع أنه لا يمكن تحديد الحياة بدون اعتبار أمرين في غاية الأهمية؛ هما: كيمياء الغازات وعلى الخصوص غاز الأوكسجين. والصفة التي يمتاز بها الجسم الحي من أنه يكون ومحيطه وحدة كاملة حتى ليفقد صفة الحياة في غير ذلك الوضع. وهذا بخلاف الحال مع الجمادات التي كل تأثرها ليس إلا من قبيل التفاعل السلبي مما لا يمكنها التسلط عليه بحال من الأحوال. والمفهوم أيضاً أن العلم الحديث لم يستطع بعد أن يتوصل إلى معرفة جميع المواد الكيميائية التي يتركب منها البروتوبلاسم وكل ما توصل إليه في هذا المضمار لم يتعد إثبات نقطة واحدة تحقق أنها

<<  <  ج:
ص:  >  >>