للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يصون لغته من الأساليب المبتذلة التي جرت العادة أن تدور على أقلام الكتاب في هذا المصر من أدباء العصر

غير أنه وإن كان من مظاهر التدقيق في التعبير، التدقيق في اختيار الكلم، والتدقيق في وضع المصطلحات العربية للألفاظ الفنية الإفرنجية، فإن هذا التدقيق الذي ينتهي به الكاتب - عادة - إلى نتائج قيمة من أسلوب واضح دقيق، ووضع كلمات عربية تجري مجرى الاصطلاح الإفرنجي يخونه التوفيق بعض المرات، وله بعد ذلك جانب السعي المشكور. من تلك الحالات التي خانه فيها التدقيق في التعبير واختيار الكلم قوله (وتسليط النقد النافذ من جهتيه - الخارجي والباطني - ص ١٢ و ٤٢ من الكتاب. ومن المعروف أن كلمة داخل تقابلها من الجهة الأخرى خارج، كما أن لفظة باطن تقابلها ظاهر؛ فيكون تعبيره وإن دل على المعنى، ضعيفاً من وجهة السياقة اللغوية العربية الخالصة. وقد استعمل بعضهم هنا في مصر ومنهم الأستاذ أحمد أمين اصطلاح النقد الداخلي والنقد الخارجي - ضحى الإسلامية ج ٢ ص ١٣٠ - ١٣١ - وقد جاراه في ذلك الأستاذ أمين الخولي - أنظر تعليقه على أصول من الترجمة العربية لدائرة المعارف الإسلامية، م٢ ص٢٨٠ - وكان فيإمكان الباحث أن يجري الكلام على هذا الوجه، فذلك أدل على المعنى من جهة وأقوم من الوجهة التعبيرية العربية الخالصة من جهة أخرى فضلاً عن أنها جرت على الأقلام، فمن هنا اكتسبت قيمة المصطلح الفني.

كذلك قوله: (الاعتماد على المشاهدة دون الفرض والتحقيق دون التخيل) فهو لو قال: (الاعتماد على المشاهدة دون التخيل والتحقيق دون الفرض) لاستقام معه المعنى والتعبير. ولقد جرى قلم الباحث بلفظة (أسلوب) في بعض مواضع من أبحاثه محملاً اللفظة أكثر مما تحتمل من حيث تدل على الطريقة أو النهج في الكتابة أو التفكير. فكان من ذلك أن قال: (وإذا بدا لك بعد هذا أن تعدل عن النقد الخارجي وهو النظر في الأسانيد إلى النقد الباطني وهو النظر في الأسلوب) ص ٤٢؛ ومن المعلوم أن النقد الداخلي ينظر في المتن، والمتن ينقسم إلى معنى وعبارة، أو مادة وشكل، أو فكرة وأسلوب، فالعبارة أو الشكل أو الأسلوب شِقّ يعرض له النقد الداخلي، وليس بكل ما يعرض له (انظر لفظة أسلوب في لسان العرب) ومن هنا يبدو قصور تعبير الباحث عن أن يمد المعنى الذي في

<<  <  ج:
ص:  >  >>