للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ما رأيه في قصيدة أبي تمام يوم فتح عمورية؟

ما رأيه في مدائح البحتري وهي تسجيل للشمائل العربية؟

أيكون عيب أولئك الشعراء أنهم كانوا يعيشون في ظلال الأمراء والخلفاء؟

وما العيب في ذلك؟

ألم يكن شعراء المشرق والمغرب يعيشون في ظلال الأمراء والملوك؟

وكيف يعاب على أمثال البحتري والمتنبي ما استباحه أمثال فولتير ولافونتين؟

إن أولئك الشعراء كانوا يؤدون لدولهم خدمات اجتماعية وسياسية، ومن حقهم أن يعيشوا بفضل تلك الخدمات، لأنهم لم يخلقوا بلا معدة كما خلق الأستاذ أحمد أمين الذي يخدم الأمة المصرية بالمجان، لأنه لا يتناول من الجامعة في كل شهر غير مبلغ ضئيل لا يتجاوز الستين ديناراً، ولا يتناول من أعماله الأدبية في كل شهر غير دنانير لا تعد بغير العشرات!

ما الذي يعيب الشاعر والأديب حين ينتفع من الشعر والأدب؟ ما الذي يعيبه وهو من جنود المعامع الاجتماعية والسياسية؟ ما الذي يعيبه حين يطمع في أموال الملوك والخلفاء، وكان شعره السناد لدول الملوك والخلفاء؟

وهل يعاب جوبلز لأنه يعيش بفضل الدعاية للسيطرة الألمانية؟

هل يعاب الصحفيون الذين يعيشون بفضل الدفاع عن الحكومات والأحزاب؟

إن الشاعر القديم هو نموذج للصحفي الحديث، وكلاهما يؤدي مهمة اجتماعية وسياسية

لو كان الأستاذ أحمد أمين يدقق لعرف أن رجال الأخبار يؤدون مهمة خطيرة، فهم في حكم الواقع رجال شرفاء وإن احتقرهم المجتمع عن جهل وسخف، فكيف نهين الشعراء والصحفيين وهم يرشدون الدول عن طريق العلانية، ويوجهون أممهم إلى سبيل المجد والاستعلاء؟

ولولا بُناة الشعر في الناس ما درى ... بُناةُ الندى من أين تُبنَى المكارمُ

أنرضى أن يكون شعراء العرب شحاذين ومتسولين لتصح أغلاط أحمد أمين؟

أيكون أسلافنا من الأدباء والشعراء مرتزقة لأنهم لم ينسوا حظوظهم من أموال الملوك والخلفاء، وبفضل مدائحهم وأهاجيهم عاش الملوك والخلفاء؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>