للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لها لجنة من أعضائه مساوية بالعدد والرأي لأعضاء مجلس النظار ورئيسه، لينظروا جميعاً في الميزانية ويقرروها بالاتفاق أو بالأكثرية).

ووافق المجلس على اللائحة الجديدة التي تقدمت بها إليه وزارة البارودي، وكان هذا الرأي الأخير، أعني تكوين لجنة من أعضاء المجلس مساوية في العدد لأعضاء مجلس النظار قد عرض كحل من الحلول على وزارة شريف. فأبت الدولتان قبوله؛ فلما قضت وزارة البارودي في الأمر حسب مشيئة النواب، ثارت ثائرة الدولتين اللتين جاءتا لنشر روح المدنية والحرية في الشرق!

ولقد جعلت الوزارة الأمر للأمة فيما إذا وقع خلاف بين المجلس والوزارة. فنص في دستور المجلس أو ما سماها اللائحة على ما يأتي:

(إذا حصل خلاف بين مجلس النواب ومجلس النظار، وأصر كل على رأيه بعد تكرار المخابرة وبيان الأسباب، ولم تستعف النظارة فللحضرة الخديوية أن تأمر بفض مجلس النواب وتجديد الانتخاب على شرط ألا تتجاوز الفترة ثلاثة أشهر من تاريخ يوم الانفضاض إلى يوم الاجتماع. ويجوز لأرباب الانتخاب أن ينتخبوا نفس النواب السالفين أو بعضهم).

(وإذا صدق المجلس الثاني على رأي المجلس الأول الذي ترتب الخلاف عليه ينفذ الرأي المذكور قطعياً).

هذا هو الحل الذي عالجت به وزارة البارودي مشكلة الميزانية والذي من أجله حقت عليها لعنة الدولتين، وحق عليها عقابهما. مع أنه لا يمكن أن يكون هناك تساهل في مثل هذا الأمر، وفي مثل تلك الظروف من هذا الذي جرت عليه الوزارة.

هؤلاء نواب شعب يجتمعون باسمه للنظر في صالحه، فكيف يتسنى لهم ذلك إن لم يكونوا قوامين على ماليته وهي أساس كل شيء ودعامة كل إصلاح؟ وكيف يكون الحكم قائماً على أساس ديمقراطي إذا حيل بين نواب الأمة وبين النظر في الأموال التي تجبى من أفرادها؟

وإذا كانت لمصر ظروف خاصة ناشئة من ديونها التي لم يكن لأهلها يد فيها، فأي شيء كان يطمع فيه من نوابها أكثر من أن يتركوا ما يتعلق بالدين دون تدخل فيه؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>