للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن الناس يعقلون! يعقلون أنفسهم وأرواحهم! وهم من شدة تعقلهم يتعثرون

يا ليتهم حنوا كما جن وليد الربيع!

٢ - فنان

في معسرة أحب أدولف أن يستكمل من لوازم العيش حاجته، وأن يصارع على صدر الزمان فاقته، فلم يمتشق إلا ريشته. . .

طرق أقرب الأبواب منه ولم يكن إلا باب الجمال والفن. . .

فرحب به الجمال، وأكرم الفن وفادته

حقاً إنه لم يكن في المصورين بارعاً مبرزاً. . . ذلك أنه روى من الفن سجعته وقوت صنعته، وما كان الفن إلا فطرته

٣ - محارب

وزلزلت الأرض زلزالها، وأخرجت الأرض أثقالها، وصبت الأقدار أهوالها، فخف صاحبنا لها مشدوهاً يلاطم أوحالها، يغربل بالفن أشكالها ويلقف بالصبر أحمالها، فلانت ونامت وقد نال منها مضاعف ما قد أهدي لها

٤ - شرير

صهره الزمن حتى لتكاد نفسه تسيل حسا، وتراكمت تحت قدميه التجارب فرفعته ورفعته حتى لتكاد تخرق السماء هامته.

حلق في جو يقصر عنه الترف والرغد. فلم يعد يرضى أن يعيش كما يعيش الناس، ولم يعد يطيق الحياة مستنقعاً بين جنتين، وإنما أرادها ساحة زاهية نيرة باسمة كالربيع، راقصة مرتلة مسبحة. فسالم الناس وسالم الأرض وسالم السماء

ما كان يبغي من هذه الدنيا غير ما يمسك به الرمق فما ملأ جوفه حتى سعى ليملأ سمعه بالنغم، وليملأ بصره بالصور. تدثر بالفن، وأغمض عينيه ونام على الصخب يسترجع الربيع إذا غاب عنه، ويستجديه الراحة إذا حضره

ولكنه لم يعتزم أمراً، ولم يخلبه هدف. فراح يخبط في الشرق وفي الغرب راضياً آمناً، ولكن رضاءه وأمنه شابتهما حيرة إذ كان يحس هتافاً يتلوى في نفسه غامضاً مبهماً مبعثراً

<<  <  ج:
ص:  >  >>