للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مركزه الجديد قد أنضجته وقوته؛ فناقشني في كل الموضوعات برصانة واعتدال عظيمين سواء في التفكير أو في اللهجة! وقد أكد لي أنه هو وزملاءه الوزراء يرغبون كثيراً في أن يصلوا إلى تفاهم ودي مع الحكومة البريطانية في كل المسائل التي يختلفون فيها مع الوكالة البريطانية في القاهرة، وطلب إلى أن أبلغ رسالته هذه بصفة رسمية إلى غلادستون! وقد شكا شكوى مرة من كلفن وماليت اللذين ظهر مسلكهما العدائي من الخطة التي جريا عليها فيما يختص بتشويه سمعة الوطنيين في الصحف البريطانية وقال لي: (إن السلام لا يمكن أن يوطد في القاهرة ما بقى هذان، وما بقيت علاقتنا مقصورة عليهما، فإننا نعرف أنهما يعملان لإيذائنا سراً أن لم يكن جهراً، وسنقف بمعزل عنهما جميعاً، ولكننا لا نريد أن نختلف مع إنجلترة كرامة لها. دع المستر غلادستون يرسل لنا أيا كان خلافهما لنتفاهم معه ونحن نستقبله بأذرع مفتوحة)

هذا هو جانب من حديث عرابي مع بلنت نضعه تحت أعين اللذين اتهموه بالنزق وعدم التبصر في عواقب الأمور ليقولوا لنا: هل فيه كلمة واحدة في غير موضعها؟ هل يتهدد فيه عرابي الإنجليز، ويتوعد كما كان حرياً أن يفعل لو كان كما وصفه أعداؤه؟ إنه يشكو من كلفن وماليت ويطلب غيرهما حتى يتسنى لمصر أن تتفاهم مع إنجلترا وإنك لتراه بذلك يلقي تبعة اضطراب السياسة الإنجليزية على كاهل هذين الرجلين فيرمي الإنجليز جميعاً رمية ماهرة كيسة في شخصهما، فهو يعلم أنهما يمثلان نيات حكومتهما، ثم هو يفتح الباب بذلك للتفاهم فلا يدع في مسلكه مجالاً لأعدائه؛ كل ذلك دون أن يفرط في حقوق بلاده أو يشتري بها ثمناً قليلاً وهو الذي جعل خصومه الخيانة في أوائل ما اتهموه به

(يتبع)

الخفيف

<<  <  ج:
ص:  >  >>