للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التاريخ في سبر أبطاله]

أحمد عرابي

أما آن للتاريخ أن ينصف هذا المصري الفلاح وأن يحدد له

مكانة بين قواد حركتنا القومية؟

للأستاذ محمود الخفيف

ولنعد إلى حديث بلنت مع عرابي، ولما كان هذا الحديث يكشف لنا عن نواح كثيرة من تلك الشخصية التي نعنى بدراستها نرى الخير في أن نورده على تمامه كما جاء في مذكرات مستر بلنت قال: (وقد نفذ كثير من تلك الإصلاحات بعد أن عزى للموظفين البريطانيين في عهد الاحتلال، وادعى لورد كرومر أنه مبتكر كثيراً منها. فمن ذلك إلغاء السخرة التي كان يضربها الباشوات الترك على الفلاحين، واحتكار بيع الماء في مدة الفيضان، وحماية الفلاحين من المرابين اليونانيين الذين انشبوا فيهم الأظفار بسبب فقدان العدل في المحاكم المختلطة. ومن هذه الإصلاحات أيضاً إنشاء بنك زراعي تشرف عليه الحكومة، وهذا هو البنك الذي باهى به كثيراً المرحوم اللورد كرومر. . .

كذلك تناقشنا في الإصلاحات القضائية، وكانت دوائر القضاء يعمها الفساد؛ وكذلك تكلمنا في نظم تربية الذكور والإناث، وفي طريقة الانتخاب للبرلمان الجديد ومسألة الرقيق، وقد أطال عرابي الكلام في هذه المسألة الأخيرة، وكان الموظفون الأجانب في مصلحة الرقيق قد خشوا أن يتناول الاقتصاد في المرتبات مراكزهم، ومن ثم كانوا يزعمون أن إحياء الإسلام معناه إحياء الاسترقاق. وقد أظهر لي عرابي ضعف هذا الزعم وما فيه من الافتراء، وبين لي أنه ليس في مصر من يود أن يكون له عبيد غير أمراء البيت الخديو والباشوات الأتراك الذين تعودوا استعباد الفلاحين، وأن الإصلاحات الجديدة سوف توطد المساواة بين الناس مهما اختلفوا في الجنس واللون والدين، وليس مع هذا الإصلاح محل للاسترقاق. أما فيما يختص بضرورة الاستعداد لحرب محتملة - ذلك الاستعداد الذي يجب أن يشغل ذهن وزير الحرب فقد تكلم عنه بصراحة وقوة فقال إن الحكومة الوطنية لا تنزع سلاحها ولا تخفضه حتى يوطد الحكم الدستوري وتعترف أوربا به. وكان يرجو ألا يتجاوز

<<  <  ج:
ص:  >  >>