للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الطاقة أملاً في إيجاد فرصة لدخول وادي النيل دون فرنسا)

حسبنا تلك العبارة التي حاول كرومر أن يفندها بما ذكرنا من نفي فلم يستطيع أن يأتي بدليل أو شبه دليل على صحة رأيه فلن يكون النفي المجرد مما ينهض دليلاً يؤخذ به أمر من الأمور

وكان غمبتا من أشد أعداء مصر بل من أشد أعداء الإسلام قاطبة، وكان هذا الرجل يهودياً على صلة برجال المال من الدائنين؛ وكان يحيط به في باريس ريفرز ولسن ونوبار يوحيان إليه بما يريان؛ وكان بطبعه ممن يميلون إلى اللجوء إلى القوة في كل ما يتعلق بالشرق والشرقيين

وكان هذا الوزير يحاول أن يدفع إنجلترا لتأخذ بسياسته ولكن جرانفيل راح يراوغه مظهراً له أن خيرهما في أن يتفقا، وفي الوقت نفسه كان يحذره عاقبة التدخل المسلح في شؤون مصر سواء أكان ذلك من جانب إحدى الدولتين أم من جانبيهما معاً لأن ذلك العمل كان من شأنه أن يجر في أعقابه كثيراً من المشاكل

ولقد رأينا مبلغ تشدده في وجوب إرسال المذكرة المشتركة المشؤومة، ثم إصراره بعد ذلك على عدم تخفيف وقعها بأي وجه من الوجوه. ولقد كانت كل من الدولتين تحرص على ألا تنفرد فتنكشف، لذلك كانت تجارى إحداهما الأخرى وإنها لمستكرهة أشد الاستكراه وأقبحه. . . وكانت إنجلترا تأخذ نفسها بالصبر حتى تحين الفرصة فتقتنصها

على أن غمبتا لم يلبث في الحكم طويلاً فسقطت وزارته في أول فبراير عام ١٨٨٢ أي قبل تأليف وزارة البارودي بخمسة أيام وحل محله في الوزارة دي فريسنيه. وكان هذا من أول الأمر يرى في المسألة المصرية ما لا يتفق وسياسة غمبتا

ولكن الأمور كانت قد تحرجت في مصر بما فعل غمبتا، وفقدت العناصر الوطنية في البلاد كما أشرنا كل ثقة في الدولتين جميعاً حتى أصبح من أصعب الأمور التفاهم في السياسة العامة

وكان الإنجليز في مصر يعملون جهد طاقتهم لحساب دولتهم حتى إذا حانت ساعة العمل لم يكن بينهم وبين فريستهم حائل؛ ولقد ظلوا متربصين بمصر بعد أن نجحت وزارة البارودي في حل مسألة الميزانية ينتظرون أن تواتيهم فرصة فيعملوا على تنفيذ ما بيتوا

<<  <  ج:
ص:  >  >>