للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تهديد الطيارات والغواصات، وهو ما يجدر بنا أن نحسب حسابه، ولكني أظن أنه قد بولغ كثيراً في تقدير هذا الخطر. ولعلكم تذكرون ما حدث في شتاء العام الماضي عند ظهور غواصات قراصنة من جنسيات مجهولة في البحر الأبيض فإنها لم تلبث بعد إعطاء السلطات الفرنسية والإنجليزية أوامرها إلى وحداتها بمهاجمة وإغراق كل غواصة تقابلها على بعض طرق المواصلات البحرية حتى اختفت بفعل السحر، مما يدل على أنه توجد أميرالية في أوربا تشاركنا يقيننا في قوة وسائلنا الدفاعية الفعالة ضد غارة الغواصات

ومن المفهوم أن هذه الثقة المطلقة في تفوق الأسطول الفرنسي الإنجليزي في البحر تقوم على أمرين أساسيين: الأول هو التعاون الصادق التام بين القيادتين، والثاني هو الاستحواذ على قواعد عظيمة القوة. ومن هنا كانت هذه الأهمية ذات الدرجة الأولى للمسألة المعقدة في علاقتنا بمصر وتركيا واليونان في الشرق، وبفرنسا وإيطاليا في الوسط، ثم علاقتنا المشتركة في الغرب، والتعهدات التي التزمنا بها أخيراً في البلقان تنسجم مع تعهداتنا التي تربطنا بمصر ومع ضرورة تأمين حرية المواصلات الإمبراطورية في قناة السويس.

هذه الالتزامات والمصالح التي لا تحتاج إلى التنويه بأهميتها تفسر الاهتمام الذي يبديه الرأي العام الإنجليزي في مراقبة تزايد القوات الإيطالية في ليبيا، كما تفسر قرار الحكومة الخاص بتكوين احتياطي جديد في الشرق الأدنى والأوسط، والقواعد الفرنسية في تولون وأجاكيو وبيزرته وأوران والجزائر لا تقل شأناً في خدمة القضية المشتركة عن القواعد الإنجليزية في شرق البحر الأبيض، كما أنه لا يخفى أن تفوق الأسطول الفرنسي الذي لا يمكن إنكاره في أفريقيا الشمالية هو من أكبر الضمانات الأكيدة التي يمكن أن يرجوها الإنسان في تدعيم السلام في البحر الأبيض

غرب البحر الأبيض

ولنأت الآن إلى غرب البحر الأبيض، فبريطانيا العظمى تعلق أكبر أهمية على تحالفها التقليدي مع البرتغال. هذا التحالف المكين المؤسس على المصالح المشتركة والذي حافظت عليه الأمتان بإخلاص وصدق منذ ثلاثة قرون بغير أن يمس شيئاً من كبريائهما واستقلالهما الشرعي

وعلينا أن نكسب صداقة الأسبان وحيادها في حالة الحرب إذا أمكننا. ولقد كانت من جهتي

<<  <  ج:
ص:  >  >>