للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وما أشبه الليلة بالبارحة! فلم تكد الفتاة تسمع قوله حتى ماست كالفنن المروح، وتخازرت إلى الخليفة حتى التقت أهدابها ثم أنشدت بصوت يشبه المناغاة:

هذا - وإن كان في فقر وإضرار - ... أعزُّ عنديَ من قومي ومن جاري

وصاحب التاج أو مروان عاهله ... وكل ذي درهم عندي ودينار

وكأنها أدركت أنها في حضرة ملك العرب وخليفة المسلمين. فافترت عن مثل وميض البرق! وقالت وهي تغطى وجهها بأطرافها المخضبة استحياء: والله يا أمير المؤمنين، ما أنا بخاذلته لحادثات الزمان وغدرات الأيام! وإن لي معه صحبه لا تنسى ومحبة لا تبلى! وإني لأحق من صبر معه على الضراء، كما نعمت معه في السراء! فقضى العجب كل من كان حاضرا! وضحك معاوية حتى انقلبت شفته العليا وشكر لها وفاءها وإخلاصها لأبي عذرتها! ثم أمر بها فأدخلت مقاصير الحرم، حتى انقضت عدتها من مروان. ثم أعادها إلى ابن عمها بعقد جديد، ووصلها بألف دينار.

وأخذ سعد بيد سعاد، ومضى يؤج في سيره أجه الظليم وهو يترنم بقوله:

خلّوا عن الطريق للأعرابي ... ألم ترقوا ويحكم لما بي؟

علي الجندي

<<  <  ج:
ص:  >  >>