للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لأنه يعتقد أن ذلك فوق مستوى فهم معارضيه! ويسجل اعتقاده هذا بصراحة كبيرة إذ يقول: (كل هذا ولم أتحدث ولن أتحدث عن أثر هاتين اللغتين في تكوين العقل وتقويمه وتثقيفه وإعداده للتفكير المستقيم فإن هذا الحديث إن ذهبت إليه لم يفهم عني، لأن فهمه يقتضي معرفة هاتين اللغتين وممارستهما وابتلاء آثار هذه المعرفة والممارسة، والذين يعرفون هاتين اللغتين في مصر يمكن إحصاؤهم على أصابع اليد الواحدة أو على أصابع اليدين) (ص٢٩٧)

وأخيراً عندما يتطرق الدكتور إلى الحالة الراهنة في أوربا ويشير إلى الخصومة القائمة بين أنصار اللغات القديمة وخصومها، يتهم معارضيه (بالإلمام اليسير، بل بالإلمام الناقص المشوه) بهذه الخصومة (ص٢٨٥) ثم يحاول أن يصف هذه الخصومة (على وجهها الصحيح). غير أن من يقارن بين ما يقوله الدكتور في هذا الباب وبين التفصيلات التي سردناها آنفاً، يرى أن (الوجه) المذكور بعيد عن الصحة بعداً كبيراً. . .

يقول الدكتور طه حسين: (إن موضوع هذه الخصومة لم يكن ضرورة هاتين اللغتين للثقافة والحضارة) (ص٢٨٥) في حين أن المؤلفات والمجلات التربيوية مملوءة بمباحث ومناقشات طويلة عن ضرورة أو عدم ضرورة هاتين اللغتين للثقافة والحضارة

يقول الدكتور: (كان موضوع الخصومة في حقيقة الأمر هذه المسألة: أيجب أن يتهيأ الناس جميعاً للعلم والتخصص، أم يجب أن يهيأ بعضهم لحياة العلم والتخصص ويهيأ أكثرهم للحياة العاملة؟) (ص٢٨٥) في حين إن ذلك أيضاً بعيد عن حقائق الأمور بعداً كبيراً. . .

يقول الدكتور: (إن الخصومة حول تعليم اللاتينية واليونانية قامت في أوربا منذ أواخر القرن الماضي بين الديمقراطيين والمتطرفين من جهة، وبين المعتدلين والمحافظين من جهة أخرى) (ص٢٨٤) في حين إن الخصومة كانت قائمة في عالم الفكر والتربية قبل إن تنتقل إلى ساحة السياسة بمدة طويلة. . .

وقد أسهبت أنفاً في تلخيص المناقشات التي دارت في أوربا حول هذه المسالة، فلا أرى حاجة للتوسع في تفنيد مدعيات الدكتور طه حسين في هذا الباب

أود إن اختم انتقاداتي هذه بملاحظة صغيرة: عندما يشرح الدكتور النظام الذي يقترحه لترقية الدراسة الثانوية يقول: (وكل من أراد إن يهيئ نفسه بعد الثقافة العامة للدراسات

<<  <  ج:
ص:  >  >>