للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما لنا كلنا جوٍ يا رسول ... أنا أهوى وقلبك المتبول

كلما قد بعثت طيفاً إليها ... غار مني وخان فيما يقول

قال: وهذا الطيف المتطبب لما لقيها في بغداد استبقاها هنالك وأهدى إليها هدية من الأدب الأندلسي. ففي ذلك تقول:

اصرفوا عني طبيبي ... واتركوني وحبيبي

جسدي راض بسقمي ... وفؤادي بالنحيب

فاصرفوا عني طبيبي

وهذا اللحن قديم، كانت تقوله من عهد الجاحظ الأول، وأعادته في عهد الجاحظ الثاني؛ وكل الفارق بين الجاحظين أن أحدهما ذو لون حائل، وشق مائل، ولعاب سائل؛ وأن الثاني ذو يراع صائل، ولسان جائل. . . وقد نسيت السجعة الثالثة!

وحدثنا الدكتور زكي مبارك قال: (هذا اللحن لليلى المريضة في العراق، ما في ذلك شك، وأنا الطبيب، وأنا الحبيب؛ وإنما أرادت صرفي من الباب لكي آتي من النافذة بعد قليل، وهي القائلة على لسان عمر بن أبي ربيعه:

إذا جئت فامنح طرف عينيك غيرنا ... لكي يحسبوا أن الهوى حيث تنظر

ولكنني لا أنظر إلا إليها، ولا أنظر إلا وعيناي مفتوحتان إلى أقصى حد تستطيعان. وماذا علي في ذك:

يقولون لا تنظر وتلك بلية ... وما فتحت عيناي إلا لتنظرا

وفي الحق أني أهديت إليها هدية من الأدب الأندلسي وهي موشح من موشحات الهجاء فيمن يتعرضون للأدب الجاهلي. وهاأنذا أرشح نفسي لكرسي في الجامعة للأدب الأندلسي بان أسرف في مدح الأدب الجاهلي. وماذا علي في ذلك؟ أليست الأندلس قد تأثرت بالأدب الجاهلي أكثر مما تأثرت به بقعة أخرى من بقاع العروبة؟ صحيح أن أهل الأندلس كانوا مزيجاً من البربر والأوربيين والعرب؛ وصحيح أنهم كانوا يستقون أدبهم من حياتهم في مناخ بعيد عن المناخ الجاهلي، ولكن، هل الأدب أدب لغة أم الأدب أدب قوم؟ هذه هي المسألة كما يقول الشيخ عبد العزيز البشري نقلاً عن شكسبير؟

اللغة الإنكليزية في أمريكا قد طبعت العقلية الأمريكية بطابع إنكليزي. من ذا الذي يشك في

<<  <  ج:
ص:  >  >>