للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

حتى أصبح الصراع بين الاشتراكية والرأسمالية أساس السياسة الأوربية في السنين الأخيرة؟ كما تأثر بهذا المذهب عدد كبير من رجال الفكر والأدب. . . وهانحن أولاء نرى أن أعلاماً مثل (برناردشو) و (ولز) و (أندريه جيد) و (مالرو) و (توماس مان) يدينون به وينافحون عنه

والسير رياليون كما قلنا يؤمنون بالمذهب الماركسي، ولكنهم يرون في نفس الوقت أن الدعوة إلى التحرير الاجتماعي يجب أن ترافقها دعوة إلى التحرير النفسي، فالنفس الإنسانية مكونة أيضاً من طبقات يتحكم بعضها في رقاب بعض. ولا سبيل إلى الوصول إلى التحرر النفسي ما لم تستطع أن نزيل الحدود التي تفصل بين العناصر المتنازعة في باطن النفس

ولقد أقنعنا (فرويد) بأن الشخص (السليم) من الأمراض النفسية هو نموذج مثالي لا وجود له. وما الفارق بين (العاقل) و (المجنون) إلا اختلاف في الدرجة ولا في النوع. والسبب الأساسي لهذه الأمراض جميعاً هو أن للنفس الإنسانية رغبات، كثير منها لا يتحقق بالنسبة للعقبات التي تقابلها من الوسط الخارجي، والطفل الصغير لا يدرك هذه العقبات ولذا كان خياله لا يعرف الحدود، فهو إذ يرغب في سيارة فخمة، أو في حصان مطهم، أو في قصر باذخ، لا يشعر بأن هناك عائقاً من العوائق يمكن أن يحول دون ما يبتغيه، ولكن رويداً رويداً يتعلم الطفل خلال ممارسته للحياة بأن رغباته جميعها لا يمكن تحقيقها، فيضطر إلى كبح هذه الرغبات ويتعود التسليم بالأمر الواقع. وكلما كبر في السن نمت فيه هذه العادة - عادة التسليم بالأمر الواقع. على أن الصراع بين الرغبات وبين الواقع يستمر طوال الحياة، فحتى الكهل وهو على أبواب القبر لا يستغني عن الأحلام.

وعادة التسليم بالأمر الواقع بين الناس هي الأساس الذي ترتكن إليه دعوات المحافظين، وهي العقبة الكأداء التي تقف في سبيل كل تجديد وإصلاح. ولما كان السير رياليون يؤمنون بضرورة تغيير النظام الاجتماعي الحاضر فإنهم يثيرون حرباً شعواء على هذه العادة

والأساليب التي يتبعونها في ذلك متعددة: منها ما سيمونه (تغريب) الأشياء أي نقلها من وسطها المألوف إلى وسط غريب عنها (المثل الكلاسيكي لذلك كلمة لوتريامون: '

<<  <  ج:
ص:  >  >>