للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[لحظات الإلهام في تاريخ العلوم]

تأليف مريون فلورنس لانسنغ

مقدمة

العلم هو الذي وصل بالعالم إلى ما هو عليه اليوم، فهو الذي ابتكر كل أداة في الحياة العصرية؛ ولكن العلم الذي نركن إليه في كل وسائل راحتنا ومتعنا ليس بالقوة الجامدة النائية التي تعمل عملها بيننا وهي عن نفوسنا بمعزل. إنما العلم معرفة إنسانية أفادها في بطئ، واحتمل في سبيلها الآلام رجال مثلنا وقد استخدموها لصالح النوع الإنساني

وهذا الكتاب يقدمنا إلى زعماء النهضات العلمية الذين خلفوا الدنيا الحاضرة. وفي الأقاصيص التي تضمنها هذا الكتاب نراهم في أسمى اللحظات التي أدوا فيها مهماتهم، وقد تضمنت كل العصور لحظات هي التي نسج منها التاريخ. وإنه ليبدو لنا أحد هذه المخترعات كأنه بداية لعهد جديد في حياة الإنسان مع أنه كان في العصر الذي وجد فيه يكاد لا يكون موضعاً للملاحظة إلا من القليلين البعيدي النظر الذين أنجزوه

ومن أمثلة الكشوف التي غيرت اتجاه العالم اختراع آلة الطباعة والآلات المتحركة بذاتها وآلات التخاطب على مسافات متباعدة سواء منها السلكي واللاسلكي. ووراء كل كشف من هذه الكشوف رجل أو طائفة من الرجال ميزتهم الجرأة أو المخاطرة والمهارة وحب الإفادة. وفي الصفحات التالية سير رجال ألفنا سماع أسماء بعضهم؛ والبعض لما نألفه، ولكننا مدينون لهم جميعاً بدين ضخم. وسنرى سيرهم في لحظات انتصارهم المثيرة. نحن جميعاً نعبأ بأنفسنا وبعالمنا. وكل مجموعة من السير تتعقب آثار الفكر الإنساني في أحد اتجاهاته فإنما يراد بها إشباع حياتنا العصرية بمجهود ذلك الفكر، وفي كل تريب موفق لكل مجموعة من هذه السير ما يمكننا من الإفادة منها. فاستكشاف النار مثلاً يبدو لنا أقل استغراقاً في الغابر عندما نتبين أننا لا نزال نعيش في عصر النار وإن كان بيننا من يتنبأ بأن أبناءنا وأحفادنا سيعيشون في (عصر الكهرباء) الذي بزغ فجره الآن

لقد اخترع أهل العصور الأولى العجلة، واخترع الرجل العصري الآلة التي تدير عجلات العالم، واستكشف كيف يستعمل الوقود وقوة الماء والكهرباء في تسيير هذه الآلة

لقد كان الرجل يريد دائماً أن يطير ولكن الآلة التي يديرها النفط هي التي جعلت هذه

<<  <  ج:
ص:  >  >>