للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[عقيدة الزعامة في النازية]

للدكتور جواد علي

لا تفهم وجهة النظر الوطنية الاشتراكية للعالم إلا إذا اطلع المرء على عقيدة الزعامة التي هي الأصل الأول من أصول المذهب النازي والعمود الذي ترتكز عليه جميع تعاليم الحزب ونظرياته. فلا تتساهل المؤسسات الهتلرية أبداً أمام التساهل بهذه العقيدة أو الكافر بها. لذلك سخرت جميع ما تمتلكه من وسائل في سبيل تأييدها وحض الناس على الاعتقاد بها. وطهرت السياسة والعلم والفن والصناعة - على حد تعبير الوطنية الاشتراكية - من جميع الأدران التي تراها تصطدم مع هذا الإيمان المطلق. ولم تتساهل حتى مع أكبر الأساتذة الذين لم تجد منهم ميلاً أو تأييداً في القول أو الفعل

وعقيدة الزعامة هذه تنحصر في زعامتين: الزعامة الفردية، والزعامة العنصرية، أو الأممية. ومتى عرفت هاتين الزعامتين اتضح لك سبب تهجم هتلر على الماركسية والماسونية واليهودية، وكل فكرة أو نظرية علمية أممية. أما الزعامة الفردية فتستند إلى قاعدة أن الأفراد ليسوا في الاستعداد على حد سواء. وكذلك في المؤهلات العقلية والإنتاجية. فهنالك درجات كل درجة أرقى من التي تحتها؛ وهكذا ترتقي الدرجات حتى تصل إلى درجة زعيم فوهرر وهو زعيم الزعماء، إذ أن كل فرد بالنظر إلى من هو أدنى منه عقلاً أو جسماً أو أضعف إرادة زعيم مفترض الطاعة. وعلى حسب هذه الدرجات تتوزع كذلك المسؤولية والوظيفة والواجب. وهذه المواهب والقابليات موهوبة فطرية لا تكتسب بعلم ولا يحصل عليها بتهذيب أو درس والزعيم الأكبر الذي يتولى قيادة الشعب العامة هو الذي يكيف الشعب حسب إرادته وروحه ويضع الخطط العامة. ولا بد لهذا الزعيم من مؤهلات روحية تميزه عن أفراد شعبه، وقوى خارقة ممتازة من أهم صفاتها الإرادة والشجاعة والخيال والتفكير والخطابة والمقدرة السياسية والتضحية والإنتاج

هذه الصفات كما ذكرنا فطرية مجبولة في الشخص، فالزعيم يولد زعيماً وتظهر عليه المؤهلات، ولكي تنمو فيه هذه المؤهلات وتينع وتمنع من الانحطاط لابد من العناية بتربية الأفراد خصوصاً الطبقة الصالحة منها للقيادة التي تمتاز بميزات جسمية كطول القامة والاتزان وحدة النظر مع الهدوء وتحمل المشقات؛ ولا يسمح لذلك بالزواج إلا بعد الفحص

<<  <  ج:
ص:  >  >>