للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجمهور وأرغمه على أن يتوارى خلف الستار قبل أن يتم غناءه فواساه الشيخ سلامة بأن خرج للناس وقال لهم: أحسنوا الاستماع إليه فهو الذي سيخلفني

ولكن الناس لم يحسنوا الاستماع إليه لأن غناءه لم يكن يشبه ما أعتادوه، وإنما كانت روح طلقة هبت من الشمال

وكان كل فشل مما لاقاه يزيده أيمانا بنفسه ومقدرته حتى واتاه الفشل الأخير، إذ لحن (فيروز شاه) لجورج أبيض فاندك جورج أبيض وبرز سيد درويش

وعرفه عندئذ نجيب الريحاني، فأفسح له مسرحه منبراَ يلقى من فوقه ما شاء من آيات

فنه

وأخذ بعدئذ نجمة يصعد، ويصعد، ويصعد. . . حتى جاء

وقت لم يتغن فيه مصر بلحن إلا كان من غناء سيد درويش

كان ربحه يصل أحياناً إلى ألف جنيه في الشهر، وفي هذه الأحيان كان يقترض القروش والملاليم

قل إنه مجنون! قل إنه سخيف! قل ما شئت؛ أما هو فكان محروماً من شئ لا يمكن أن يشترى بالمال وكان هو يحاول أن يستعيض عنه بما يشترى ويباع.

٧ - شاعر

ولم يكن سيد مغنياً فقط، وإنما كان شاعراً أيضاً. . . وما كان في وسعه إلا أن يكون كذلك. فإن الذي بعثه على الغناء إحساس كان يخالجه ولم يكن يستطيع أن يعبر عنه إلا بالغناء، ولم يكن يستطيع أن ينتظر معه أن يبحث عن شاعر من الشعراء أو نظام من النظامين ليقول له إني أحسست الحب على وجه من الوجوه، أو أحسست اللوعة على نحو من الأنحاء، فصور لي هذا الإحساس بالكلام لأغنية. . . لم يكن يملك أن ينتظر كل هذا الانتظار وإنما كان يغني ما يريد عند ما يحس أية عاطفة أو أية نزعة

هو سكران مترنح. . . وقد حددت له صاحبته موعداً، وذهب إليها فتصدى له من يمنعه عنها، وهي معركة بينه وبين عذاله، فإذا حال بينه وبينهم أصدقاء له وأبعدوه عن الموقعة، ثم بدءوا يلومونه على سكره وعربدته غناهم:

وأنا مالي هي اللي قالت لي ... روح اسكر وتعال ع البهلي

<<  <  ج:
ص:  >  >>