للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكفيكَ أنكَ قد رشفتَ رضابها ... فاترك بقاياها لغيرك واقنع

دَعها لسافلةِ الطيور غنيمةً ... وانشدْ سواها في مكانٍ أرفع

في موضعٍ أقوى الفساد عراصَه ... وا روعتاهُ لطهر ذاك الموضع!

وإذا ظمئت ولم تجدْ لك منهلا=عذْب المياه كصافياتِ الأدمع

فاطوِ الضلوعَ على الصدى أو مُتْ به ... حرّاً أبيّ النفسِ غير مروّع

لَلموتُ خيرٌ من ورودكَ موردا ... ولغَ الكلابُ بمائِه المتجمِّع

من كان لا يرضى المجرة مشرباً ... هيهات يغشى كدرة المستنقع

ومغيظةٍ أنحتْ عليَّ بلومِها ... راحتْ تصبُّ عتابها في مسمعي

قالت (وما كذبت) أراك سلوتنا ... ودنت تعانقني فقلت لها ارجعي

فاستَغربت مَّما رأته وهالَها ... ألاّ أطاوعَها على ما تدَّعي

قالت أتذكر حينَ كنتَ مُتَيّماً ... تشكو لهيب فؤادِكَ المتصدّع

وتروح تُقسم أن تصون عهودنا ... فعلام خنت إذن أجب أفلا تعي؟

فأجبتها قَدْ كان ذلك والهوى ... عَفٌّ وثوبُ الطهر غير مرقع

أغراك أني شاعرٌ متعِّبدٌ ... للحسنِ أرعاهُ بقلبٍ موَجع

أهوى، نَعمْ أهوى الجمال مبرقعاً ... بالطهر لا أهواهُ غيرَ مبرقع

أهوى الجمال عفيفَهُ وبعيدَه ... عن كل شائنةٍ وفحش مُقْذع

ولقد أعافُ الشيء مع أني به ... كلف شديد الوجد صعب المنزع

وأعودُ عنه وملء نفسي شهوة ... وكما علمتِ تعفّفي وترفعي

كم منهلٍ يمَّمْتُهُ متجرِّعاً ... سقطَ الذبابُ به فلم أتجرع

قد كان حسنكِ قبل ذلك ملهمي ... واليومَ بات وقد تدَّنس مُفزعي

عودي إلى ما كَنِتهِ من عفةٍ ... أو فاتركيني لا تقضي مضجعي

ودعي التصُّنعَ بالغرام فما أنا ... ممن يبالي بالهوى المتصنَّع

إن تبتغي وصلاً فلستُ بمْبَتغ ... أو تزمعي صلحاً فلست بمزمع

أو كنتِ مولعةً وأنت كما أرى ... تبغينَ تَضليلي فلستُ بمولع

(دار الأهرام)

<<  <  ج:
ص:  >  >>