للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحرارة. ومتى ذاب تكون منه زجاج شفاف جداً.

وبالحذق في مزج هاتين المادتين أمكن صنع الأواني الصينية التي لا تزال تعرف بهذا الاسم إلى اليوم. وقد بقى سرها نحو ألف عام غير معروف في الغرب حتى تحراه المحققون في هذه الصناعة. وسنذكر الآن قصة الكيميائي الغضوب والشعر المستعار والمسحوق (البودرة)

وقبل أن نسرد هذه القصة الأخيرة عن الصيني نرى أن نعير نظرة إلى فن آخر يقرب من هذا الفن وهو صناعة الزجاج. وهي كما يرويها (بلايني) أحد الكتاب الرومانيين الذين عاشوا في القرن الأول بعد المسيح. وهذه القصة عن استكشاف استكشفه بحار

كانت سفينة تجارية رومانية تعبر البحر الأبيض المتوسط وعليها حمولة من النطرون وهو نوع من الصودا خاص بتلك المناطق. وكان الأقدمون يستعملونه في الاستحمام وغسل الأقمشة

وفي أثناء سير السفينة هبت ريح ضد اتجاهها فأقصتهم إلى شاطئ رماله بيضاء دقيقة عند مصب نهر في سوريا، فأوقد البحارة ناراً على الرمال لينضجوا طعامهم

ولما لم يجدوا صخوراً استعملوا قطعاً من النطرون لحمل الأواني فأدهشهم أن يروا سائلاً من الزجاج الذائب يجري في معسكرهم بين النار والماء. وكان هؤلاء البحارة قد عسكروا على مرتفع من الرمال كسته الرياح بمادة معدنية مما يستعمل في صنع الزجاج، فجعلت حرارة النار هذا المزيج من تلك المادة ومن النطرون يذوب. وكانت النتيجة مدهشة، ولنا أن نعتقد بحق أن الملاحين قد أخذوا إلى وطنهم بعض تلك الرمال مع ما كانت تحمله السفينة من البضائع

هذه قصة واحدة عن صنع الزجاج من بين قصص كثيرة يمكن أن تروى. وهي تريك أن طرق الانتفاع بالمواد في مكانين مختلفين من الأرض كان يستكشفها فريق من الناس وفريق منهم هناك، ولو أنهم كانوا على اتصال بعضهم ببعض كما هي حالة الشعوب اليوم، ولو أن أحدهم كان يأتمن الغير على سره لكانت المدنية أوسع انتشاراً ولبكزت عن موعدها بضع مئات السنين

ولكن لم تكن في تلك الأيام قد اخترعت آلة الطباعة فكان تناول المعرفة ليس بالأمر

<<  <  ج:
ص:  >  >>