للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والفرس والملايو والزنوج دون اتحاد العرب أنفسهم

لو كان العالم العربي أوسع وأشمل من العالم الإسلامي - بعكس ما هو واقع الآن - لأمكننا أن نتصور وحدة إسلامية دون وحدة عربية، ولجاز أن يقال إن تحقيق الوحدة الإسلامية أسهل من تحقيق الوحدة العربية. غير أنه لما كان الأمر بعكس ذلك تماماً فإنه لا مجال لمثل هذه الأقوال والتصورات في المنطق بوجه من الوجوه

إن هذه الحقيقة يجب أن لا تغرب عن بالنا عندما نفكر ونتكلم في أمر الوحدة الإسلامية والوحدة العربية

إن فكرة الوحدة الإسلامية أوسع وأشمل من مفهوم الوحدة العربية، ففي الإمكان أن نقول بالوحدة العربية دون أن نقول بالوحدة الإسلامية؛ وليس من الممكن أن نقول بالوحدة الإسلامية دون أن نقول بالوحدة العربية

ولهذا السبب يحق لنا أن ندعي أن كل من يعارض الوحدة العربية يكون عارض الوحدة الإسلامية أيضاً، وأما من عارض الوحدة العربية باسم الوحدة الإسلامية، أو بحجة الوحدة الإسلامية، فيكون قد خالف أبسط مقتضيات العقل والمنطق مخالفة صريحة

٢ - بعد تثبيت هذه الحقيقة - التي لا يجوز منطقياً الاختلاف فيها - يجدر بنا أن نلتفت إلى حقيقة ثانية لا تقل أهمية عنها

يجب علينا أن لا ننسى أن المقصود من كلمة الوحدة في هذا المقام هو الوحدة السياسية، كما يجب علينا أن نلاحظ على الدوام أن مفهوم (الوحدة الإسلامية) يختلف عن مفهوم (الأخوة الإسلامية) اختلافاً كبيراً

فإن الاتحاد شيء والتعاطف شيء آخر، والاتحاد السياسي شيء والاتفاق على مبدأ من المبادئ أو على مجموعة من المبادئ شيء آخر

فالدعوة إلى الوحدة الإسلامية تختلف بهذا الاعتبار عن الدعوة إلى إصلاح أحوال الإسلام كما تختلف عن الدعوة إلى زيادة التفاهم والتقارب والتضامن بين المسلمين

ولذلك نستطيع أن نقول: إن من يتكلم عن مبدأ الأخوة الإسلامية، ومن يبحث عن فوائد التفاهم بين المسلمين، لا يكون قد برهن على إمكان تحقيق الوحدة الإسلامية

وبعكس ذلك، من لا يسلم بإمكان تحقيق الوحدة الإسلامية لا يكون قد أنكر مبدأ الأخوة

<<  <  ج:
ص:  >  >>