للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بحضرة المعتصم:

أرى الموت بين السيف والنطع كامناً ... يلاحظني من حيثما أتلفتُ

وأكبر ظني أنك اليوم قاتلي ... وأي امرئ مما قضى الله يفلت

وأيُّ أمريء يدلي بعذر وحجة ... وسيف المنايا بين عينيه مصلت

يعز على الأوس بن تغلب موقف ... يُسلُّ عليّ السيف فيه وأسكت

وما حَزِني أني أموت، وإنني ... لأعلم أن الموت شيءٌ مؤقت

ولكن خلفي صبيةً قد تركتهم ... وأكبادهم من حسرة تتفتت

كأني أراهم حين أُنعى إليهم ... وقد خمّشوا تلك الوجوه وصوتوا

فإن عشت عاشوا خافضين بنعمة ... أذود الردى عنهم، وإن متُّ مُوِّتوا

فكم قائل لا أبعد الله داره ... وآخر جذلان يُسرُّ ويشمت

أليس هذا الشعر قائماً على الحوار والتحليل؟؟

وما رأيكم في قول ابن الزيات، وقد ماتت زوجته وتركت له طفلاً يؤرقه بكاؤه في هجعات الليل:

أَلاَ من رأى الطفل المفارق أمه ... بُعَيْد الكرى عيناه تبتدرانِ

رأى كل أُمّ وابنها غير أمه ... يبيتان تحت الليل ينتجيان

وبات وحيداً في الفراش تحثهُ ... بلابل قلب دائم الخفقان

ألا إنَ سجْلاً واحداً قد أرَقتهُ ... من الدمع أو سجلين قد شفياني

فلا تَلْحيانِي إن بكيتُ فإنما ... أداوي بهذا الدمع ما تريان

وإن مكاناً في الثرى خُطَّ لحدهُ ... لمن كان في قلبي بكل مكان

أحقُّ مكان بالزيارة والهوى ... فهل أنتما إن عُجْتُ منتظران

فهبني عزمتُ الصبر منها لأنني ... جليدٌ فمن بالصبر لابن ثمان

ضعيف القُوَى لا يعرف الأجر حسبةً ... ولا يأتسي بالناس في الحدثان

ألاَ من أمنِّيه المنى وأَعدّهُ ... لعثرة أيامي وصرف زمانِي

ألاَ من إذا ما جئت أكرم مجلسي ... وإن غبتُ عنه حاطني ورعاني

فلم أر كالأقدار كيف يصبنني ... ولا مثل هذا الدهر كيف رماني

<<  <  ج:
ص:  >  >>