للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللذين كان من واجبهم اليومي رفع المياه من المجرى المنخفض إلى الحقول العالية، حدث أن هذا الرجل علق دلوه بطرف عمود خشبي مستند وسطه إلى الجسر وتعلق بالطرف الآخر من هذا العمود وها أنت ذا تراه الآن يطبق نظرية الرافعة مرة أخرى، فعلق الدلو في سهولة في الهواء ثم سكب في الموضع الذي أراد الرجل أن يرويه من ماء النهر

وقد كانت مصر موصولة الأجزاء على ضفتي نيلها بترع وجداول تروى بواسطة الشادوف (الدلو والعمود)، وتوضع هذه الشواديف أما فرادى وإما أزواجاً لرفع الماء من مستوى إلى مستوى آخر. لكن كان لا يزال الرفع بواسطة رجال، وكانت كل القوات الدافعة التي يجب استخدامها من نشاط العضلات

ثم جاء رقيق لعله أذكى ولعله اضعف جسماً من غيره، فظن سيده أنه أكسل من رفاقه، راقب هذا العبد وهو يؤدي عمله إحدى العربات المصرية وهي تسير بخفة بسبب عجلاتها الدائرة فأخذ عجلة قديمة سقطت من إحدى العربات وعلقها في عمود فوق حفرة الماء وعلق بها الدلو ووجد بذلك أن الدلو يهبط ويعلو في سهولة وأن المشقة قد قلَّت

كان الرجل يندفع إلى الأمام ثم إلى الوراء في أثناء إخراجه للدلو ووضعه في الماء، ويتكرر ذلك طول مدة السقي فيفقد قواه شيئاً فشيئاً لطول هذه الحركة، وهو فضلاً عن ذلك مضطر إلى الوقوف بين دفعة ودفعة

فلما عرف طريقة العجلة التي تدور دون أن تقف أو تعاود البدء، لما عرف هذه العجلة (الساقية) أضيف فصل آخر إلى قصة العجلات التي مكنت الإنسان بسبب ما فيها من سرعة الحركة من جر أثقاله ومن الانتقال على عربة، ومن رفع الأثقال عن الأرض هذا فضلاً عن أن العجلة يمكن أن تدار سواء بواسطة الإنسان أو بواسطة حيوان يساعد الإنسان في هذه المهمة، ولكنها في مصر كانت على الغالب تدار بواسطة الإنسان وحده لكثرة الرجال ورخص الجهد الإنساني.

(يتبع)

ع. أ

<<  <  ج:
ص:  >  >>