للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في كثير أو قليل متى يحضر أو ماذا يفعل، لم تعد تتأثر أو تتألم إذا ما أصابته مصيبة أو حدث له حادث. أما الرجل فكانت حياته جحيما لا يطاق، كان يشعر بالرغبة إلى زوجته، لكن أنى له ذلك فدونه خرط القتاد. افتقد امرأته فما وجدها، مد يده نحوها فما عبأت به، توسل إليها فاحتقرته، شعر بالفراغ يعم قلبه فحاول ملأه فما استطاع، صار المنزل جحيمه فهجره، إلى الحانة يتناول فيها ما هو كفيل بأن ينسيه آلامه وأحزانه ويصرفه عن ذكرى تحطيم آماله، هجر المنزل وهجر زوجه وأولاده وعاش عيشة لا يكاد يحتملها مخلوق، أما هي فاستعاضت عن حب زوجها بحب ابنها بول، فأشبعت غرائزها، وملأت فراغ قلبها وسدت ذلك النقص الذي كانت تشعر به وهي إلى جوار زوجها ولم تكتف الأم بذلك بل سعت حتى جعلت ابنها يبادلها حباً بحب وعاطفة بعاطفة. فشعر نحو أمه بذلك الشعور الذي كان يجب أن يشعر به نحو المرأة التي ستكون شريكة حياته، وبذلك قيدته بسلاسل حديدية لا يستطيع معها أن يتصل بامرأة أخرى أو يبادلها الحب. هذه هي الأم الحديثة، أم القرن العشرين، الأم التي يفسد حبها لأبنائها حياتهم وينغص عليهم مستقبلهم ويحطم آمالهم وأمانيهم.

(يتبع)

عبد الحميد حمدي

مدرس بمدرسة شبرا الثانوية

<<  <  ج:
ص:  >  >>