للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حتى أصبح لديها أكداس فوق أكداس منها. ولما وضعتها في الماء الحار جلست لتلف الخيوط على عصا لفةً فوق لفة حتى اجتمع لديها قدر كبير من هذه المادة الناعمة. ثم حملت هذه الخيوط إلى منسجها الذي كانت تنسج عليه التيل والصوف ونسجت قطعة صغيرة من هذا الحرير الذهبي اللامع.

من أجل ذلك نذهب كل عام يا بنيتي إلى المعبد في الوقت الذي تظهر فيه أوراق التوت ونصلي أنا وأنت وجدتك وأبوك وعمك - للإمبراطورة هسي لنج شي فهي إلهة الحرير لأنها بفطنتها وبعملها اليدوي قد استكشفت سر نسج الحرير ولقنت شعبها هذا السر.

وربما سألت الفتاة أمها هذا السؤال: (هل احتفظ كل إنسان بعد ذلك بدودة القز؟)

فيكون جواب الأم: (نعم لما سمعت سيدات القصر أن الإمبراطورة تحتفظ بهذا الدود رغبن جميعاً في محاكاتها، وقد اعتادت الإمبراطورة أن تخرج إلى الحديقة ومعها أدوات ذهبية لتقطع أوراق التوت وطبق من الذهب لتضعها فيه، وسمحت لهؤلاء السيدات بأن يخرجن إلى الحديقة بآلات وأطباق من الفضة لجمع هذه الأوراق، وقد رغب الشعب كله في أداء مثل الذي يؤديه أهل البلاط، فلم يمض عهد طويل حتى حذق الشعب تربية دود القز، ونسج حريره على المناسج ولبس كل الأغنياء ثياباً من الحرير. وكذلك صنعوا منها أحزمتهم وأغطية أثاثاتهم والحفتهم.

وقد تسأل الفتاة الصينية الصغيرة: (ولكن أليس كل إنسان في العالم يحتفظ بدود القز؟)

فتخبرها الأم بقصة الاحتفاظ بسر دودة القز وبسر نسج الحرير الذي تخرجه مدة ثلاثة آلاف عام في الصين.

السر المصون ثلاثة آلاف عام

هل تظن أن في وسع شعب كامل أن يحتفظ بسر ما مدة مائة عام أو مائتين؟

هل تظن أن نساء ورجالاً وأطفالاً يعرفون كلهم ذلك السر وأن الأجانب الراغبين في معرفة السر والآتين من بلاد بعيدة يمشون في الأسواق ويطوفون بالمدن متجسسين على هذا السر ولكن أحداً منهم لا يستطيع أن يكشفه؟

هذا هو الذي فعله الشعب الصيني بسر الحرير ثلاثين قرناً ثلاثة آلاف عام.

كان الصينيون في العهد الأول من إنتاج الحرير شديدي الزهو بالصناعة الجديدة التي

<<  <  ج:
ص:  >  >>