للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

منع الشتاء من الوصو ... ل مع الرسول الى دياري

فأعادني وعلى اختيا_ري جاء من غير اختياري

ولم يقتصر شاعرنا في رحلاته على صقلية، بل ذهب الى بلاد المغرب ومدح صاحبها عبد المؤمن بقصيدة قوية الأسلوب، قوية المعاني، تدلنا على عظمة من قيلت فيه. وانصت اليه يقول:

عظمت قيمتها مذ علقت ... بأمير المؤمنين الأعظم

كعبة المن التي من زارها ... بات في أمن حمام الحرم

قبلة الدين التي حج لها ... خلقه: من كافر أو مسلم

قائد الجيش الذي من راعه ... باسمه قبل التلاقي يهزم

يا إماما خضع الدهر له ... فأطاعته رقاب الأمم. . . الخ.

ثم عاد الى وطنه، ولكنه لم يستقر به المقام طويلا حتى دفعته النوى إلى بلاد اليمن، ودخل مدينة عدن، واتصل بأبي الفرج ياسر بن بلال وزير البلاد اليمنية، فأحسن الوزير صلته، وأجزل عطيته، ثم فارقه عائداً إلى الديار المصرية فانكسر المركب به وغرق جميع ما كان معه بالقرب من دهلك، فعاد الى ياسر، ومدحه بقصيدة بدأها بقوله:

صدرنا وقد نادى السماح بناردوا ... فعدنا إلى مغناك، والعود أحمد

وجاذبنا للأهل شوق يقيمنا ... وشوق لمغنينا عن الأهل يقعد

ثم أنشده قصيدة أخرى يصف فيها غرقه، وما أصابه في البحر

غير أن هذا الحادث لم يجعله يسخط على السفر والاغتراب كما قد يظن، فقد رأيناه بعد أن نجا يكرر مذهبه ويؤكده، ويقول

سافر إذا ما رمت قدرا ... سار الهلال فصار بدرا

والماء يكسب ما جرى ... طيباً، ويخبث ما استقرا

وبنقلة الدرر النفيس ... ة بدلت بالبحر نحرا

مما يدلنا على قوة عزمه، وتغلغل مبدأ السفر والارتحال في فؤاده، ولقد هداه حادث الغرق إلى أنه من الخطا تشبيه ممدوحه بالبحر إذ يقول:

وغلطت في تشبيه ... بالبحر فاللهم غفرا

<<  <  ج:
ص:  >  >>