للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرنسا وفعلت مثل هذا في عام ١٩٣٨. والمتداول عندنا أن المكافأة الثانية صرفت من الاعتماد المخصص لمكافآت الطلبة. ثم أن الكلية ذهبت في سخائها الحاتمي إلى زيادة مرتبه مرتين، وقررت أيضاً منحه مبلغ خمسمائة جنيه مصري إعانة له على طبع رسالته التي يتقدم بها أمام جامعة باريس لنيل الدكتوراه في الآداب. كل هذه الألوان المتعاقبة من المحاباة نفذت في زمن قصير بتوصية المستشرق الكبير الذي سبقت الإشارة إليه.

وأني لأعرف أديباً مصرياً مشهوراً طلب إلى كلية الآداب منذ عشرة أعوام أن تعينه على طبع رسالته للدكتوراه أمام جامعة باريس فلم يجد أذناً مصغية، وكان هذا الأديب في حاجة إلى الإعانة وقتئذ، إذ لم تجر عليه كلية الآداب راتباً شهرياً بل كان يجاهد بقلمه ليعيش أثناء إقامته للتحصيل في العاصمة الفرنسية. ولعل هذا الأديب يقرأ هذه الكلمة فيزكي هذه الذكرى بقلمه لينصف حقاً من حقوق الأمة.

وأني أتمنى أن يجرؤ كل عارف لمثل هذه الحقائق على نشرها ليمتنع حصول مثلها. وهذا أبر بالشعب من محاربة بعضنا لبعض واضطرار الكثير منا إلى الالتجاء إلى الأجنبي يشتري عونه وحمايته بأموال مواطنيه، وهو لا يبيعه العون والحماية إلا ليثبت مصلحة له يعلم من يعلم مقدار خطرها.

جامعي آخر

إلى الأستاذ الجليل (النشاشيبي)

كثير الجدال في صحة نسبة نهج البلاغة وتقارعت الأدلة. فمن يرى أنه للشريف الرضي لا للإمام عليّ يقول أن أسلوبه أسلوب العصر العباسي لا أسلوب الصدر الأول، ومن قابل بينه وبين آثار العصرين، والثابت من مأثور العهدين، وكان من نقدة الكلام وجهابذة القول حكم بإحالة صدوره عن الإمام. وإن فيه من الطعن على الصحابة ما ينزه عنه أبو الحسنين ويناقض ما روي عنه (بالتواتر) من الثناء على الشيخين ومبايعتهما والرضا باتباعهما، وإن فيه أشياء من مصطلحات أهل العلوم التي لم تكن قد وضعت على عهد الإمام أصولها، ولا أصطلح على تلك الألفاظ فيها، وإن فيه ما يخالف (طبائع الأشياء). فقد كان الإمام مدة خلافته كلها في حروب ومشاكل لا يفرغ معها ولا يجد داعياً ولا مجالاً لإلقاء خطبة طويلة

<<  <  ج:
ص:  >  >>