للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذباب من الكتكوت؟ وقد سميت في القرآن الكريم سور منه بالبقرة والنحل والنمل والعنكبوت.

وقرأت لأديب كبير لا أذكره الآن مقالا بديعاً في زنبار أراد أن يخرج من شباك فاصطدم بزجاجة، وحاول مراراً أن يخرج فلم يستطع، فاستخراج الكاتب من ذلك قطعة فنية طريفة في الحرية والاسترقاق، وكيف يبحث الزنبار عن حريته فلا يجدها، ثم هو لا ينساها مهما صادفه من عقبات، وتحمل من آلام.

وكتب فيكتور هوجر قصة طريفة عن برغوث أنقذ أمة من الأمم سلط عليها حاكم ظالم لم تستطع حمله على العدل ولا إبعاده عن الحكم.

وبعد هذا وذاك كتب مستشرق كبير معاصر كتاباً جمع فيه ما قيل من الأدب العرب في البراغيث واقترح عليه مستشرق آخر أن يسمي الكتاب (صيحة المستغيث من البراغيث) إلى ما لا يعد ولا يحصى.

إذن فنظرتك في اختيار الموضوع وأنه يجب أن يكون (أكاديمياً)، وأن يعنون عنواناً ضخماً يستعمل في اختياره كل ضروب التكلف والتعمق والفلسفة، نظرة أرستقراطية بغيضة يجب أن تتخلص منها وتهزأ بما جرى عليه العرف فيها.

على هذا النحو ظلت الشخصيتان تتناظران، وظللت أصغي اليهما وأقيد أفكارهما، إلى أن طال الاخذ والرد، وأشفقت على القراء من استرسالهما في الجدل، وحاولت أن أبتعد عن الصندوق، وأهرب من الموضوع فلم أستطع.

أيها الكتكوت! فيك كل معاني الحياة ومشاكلها ومظاهرها. فاسمك - أولا - كتكوت ويجمع على كتاكيت، ولم أدر من أين أتى لك بهذا الاسم، فقد راجعت القاموس المحيط ولسان العرب، وغيرهما من كتب اللغة، فلم أجد فيها هذا اللفظ للدلالة عليك، ولا يستعمله الا أهل مصر. أما أهل الشام والعراق فلا يعرفونه - أتعمدت اللغة إهمالك لحقارتك؟ ذلك ما لا أظن، لأني أعلم أن اللغة ديمقراطية تعنى بالجليل والحقيرعلى السواء، بل اللغة العربية مفرطة في الديمقراطية فقد وضعت لأتفه الأشياء أسماء تعد بالمئات، واحتقرت أشياء عظيمة فلم تضع لها اسماً للآن كالراديو والبيانو ومئات من المخترعات الحديثة، بل هم وضعوا لك اسماً آخر هو (الفرخ) ولكن الفرخ غير مقصور عليك، شاركك فيه كل صغار

<<  <  ج:
ص:  >  >>