للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

الاعتراف

للكاتب الفرنسي موريس ليفل

وقفت لحظة أمام الباب وأنا ساكن متردد في الدخول. ولم أخط العتبة إلا حين نبهتني المرأة التي جاءت بي بقولها: (هنا يا سيدي تفضل!)

لم أر شيئاً عند دخولي سوى المصباح الخافت الموضوع في ركن الغرفة. ثم أخذت أتبين إلى جانب الحائط فراشاً تمدد عليه جسم طويل هزيل حاد التقاطيع. وكانت رائحة النفط تملأ فضاء الغرفة، والصمت شامل كصمت القبور.

ومالت المرأة على الفراش صائحة: (هاهو ذا السيد الذي أرسلتني في طلبه. . .)

فنهض الشيخ المدد على الفراش نصف نهوض وتمتم في صوت خافت:

- حسن. . . حسن. . . اتركينا معاً. . .

فلما أغلقت المرأة الباب وراءها، قال الرجل:

- أدن مني يا سيدي. . . أجلس هنا على الكرسي الموضوع بجانب الفراش. . . إنني أكاد أكون أعمى أصم. معذرة من إقلاقي إياك، فلديّ شيء خطير أريد أن أفضي إليك به

كان وجه ذلك الرجل بارز العظام شديد الشحوب. وقد ظل برهة يحدّق فيّ بعينيه الواسعتين. ثم واصل حديثه بصوت متهدج:

- ولكن قبل كل شيء، هل أنت السيد جرينو النائب العمومي؟

- نعم

فتنفس الصعداء ثم قال:

(إذن يمكنني الآن أن أدلي باعترافي. لقد أمضيت خطابي لك باسم برييه، وليس هذا اسمي الحقيقي. ومن الجائر أنك كنت تتذكر معرفتي لولا ما غير الموت من معالم وجهي. . . ولكن دعنا من هذا. . .

منذ سنوات كثيرة، كنت وكيل نيابة. كنت واحداً من الرجال الذين يقول الناس عنهم: إن أمامه مستقبل باهر. وكنت عاقداً العزم على تحقيق هذا الرجاء. ما كان ينقصني سوى الفرصة لإظهار مقدرتي؛ وقد هيأت لي تلك الفرصة قضية في محكمة الجنايات. حدثت

<<  <  ج:
ص:  >  >>