للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

نهاية الطريق

للكاتب المعروف دي فيرستاكبول

للأستاذ محمد بدر الدين

في سنة ١٩١٣ كنت أجول في أنحاء إيطاليا، أطوف بمواطن الروعة والجمال فيها. . .

وكنت أستقبل فصل الخريف، حين خلفت روما ورائي، وسرت نحو جبال الأبنين، دون أن أحمل من المتاع سوى حقيبة صغيرة، ودون أن أترك عنواني لأحد، كيلا أدع الفرصة لشخص يراسلني، فمن الخير أن تطوف وحيداً، إذا أردت أن تشاهد بلداً من البلدان أو أن تدرسه خير دراسة

انطلقت في طريقي وحيداً لا ترافقني غير مزارع الكروم والحقول المخضوضرة النضرة، والسماء الزرقاء، و. . . فلاحي إيطاليا ذوي البشرة السمراء، لوحتها أشعة الشمس الحامية. فاستطعت أن أرى إيطاليا تتكشف أمامي على حقيقتها، وإذا بها رغم الطرق الحديدية التي تخترق أرجاءها، ورغم مخترعات ماركوني المنبثة في بقاعها، لا تزال نفس إيطاليا القديمة، التي كانت في عهد آل بورجيا

وفي ذات أصيل، أفضت بي الطريق إلى فندق قام في معزل إلى اليمين، لا يلوح إلى جواره منزل أو بناء، وكأنما أقيم في مكانه هذا ليرحب بالقادمين الذين أنهكهم المسير، وليغريهم على التماس الراحة، وعلى استعادة النشاط في كأس مترعة من الشراب. . .

أغراني الفندق المنفرد في عزلته، والذي بدت لي عند بابه حروف زرقاء باهتة ألهبها شواظ الشمس، تعلن عن اسمه. . . (أوستريا ديل سولي) فتقدمت، فإذا بكهل يجلس إلى يمين المدخل، على مقعد طويل، يمتع النفس بشمس الأصيل. وقد استلقت إلى جواره قطة سوداء. وما لبثت أن عرفت فيه صاحب النزل الذي قدم نفسه إليّ باسم (الفريدو باولي). . . وسرعان ما كنا نجلس في غمرة الأشعة الدافئة، نتجاذب أطراف الحديث، ونحن نجرع خلاله كؤوس (الكيانتي) الذي قدمه الرجل إكراماً وترحيباً. . .

تكلمنا عن إيطاليا، وعن محصول الكروم، وعن الضرائب، وعن ذكرى غاريبلدي. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>