للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحمل نقوداً وفيرة إذ لجأ إلى مشرب راح يبعثرها فيه بغير حساب. . .

ما كنت أرى وجهه، فقد كان ظهره نحوي. بيد أنني كنت أرى إنه قد وفق في أن يغدو الروح الحية التي ظهرت في المشرب فطغت على كل من فيه، ثم. . . تفرق الجميع كل إلى وجهته، فعاد وحيداً يسلك طريق (أندريا دوريا)

وهنا. . . وجدت الفرصة الملائمة!. . .

كانت الطريق مقفرة، ولم يك ثمة من يرانا، وحتى لو وجد هذا فقد كان الظلام الضارب فيما بين المصابيح، لا يدع لأحد الفرصة كي يتأملنا جيداً؛ فلم ألبث أن أمسكت بكتفه، ورحت أنظر إلى وجهه الذي كان شاحباً، تعلوه كآبة تبعث في النفس الرغبة في تهشيمه. . . كنت مجنوناً، وقد أخذت الوقائع التي حدثت في ذلك اليوم تتتابع متزاحمة في رأسي. . . كان هناك حبي لجيوفانا، وغيرتي، وحقدي، ثم. . . مفعول الكحول القوي. . . كل هذا كان يدفعني نحو الجنون، بينما أخذ الشاب يقاومني في نضال، وأحسست بسكين تصيب كتفي الأيسر، ثم هويت إلى الأرض بينما كنت أغمد خنجري في قلبه بكل ما واتاني به الحقد والغيرة من قوة!. . .

سقط الرجل عند قدمي جثة هامدة شاحبة، وما يزال الخنجر مدفوناً في صدره. ولكنني لم آبه لذلك، ولم أسع إلى الفرار. . . ولعل هذا أغرب ما حدث. . . فقد كنت أنوي قتل جيوفانا، ثم أنتحر، ولذا لم أجد ما يبعث على الفرار!

لم أك أدري لكل هذا سبباً. غير أنني أدركت فيما بعد، أن عقل الإنسان لا يطيعه في كل الأحوال، وإنما هو - في المآزق الحرجة والمآسي المروعة - يتمرد عليه ليعمل بإملائه ووحيه. . .

جررت الجثة إلى مدخل المباني القائمة في الطريق فأسندت ظهرها إلى الباب حتى بدا صاحبها تحت ضوء المصباح الغازي الصغير المعلق فوق المدخل، وكأنه ثمل غلبه النعاس. ثم انطلقت في طريقي بعد أن تحققت من المكان الذي تركت فيه جثة غريمي

لم يعد أمامي بعد هذا إلا أن أحاسب جيوفانا، لذلك يممت شطر بيتها، ودققت الباب ثم ولجت. . .

كانت أسرتها ما تزال غائبة في (الكرنفال)، وكانت هي لم تأو بعد إلى فراشها، فما لبثت

<<  <  ج:
ص:  >  >>