للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تحت الليل]

للأستاذ محمود محمد شاكر

أهِيمُ. . وقْلبِي هائُم. . وَحُشَاشَتِي ... تهيمُ. . فَهلْ يبقَى الشَّقِيُّ الَمبعُثَرٌ؟

وهلْ يهْتَدِي غاوٍ أَضَاعَ حَياتَهُ ... بحيثُ يَضِيعُ الطامحُ الُمتَجَبَّرُ؟

وهلْ تَسكُنُ الدُّنيا ويَسكُنُ صَرفُها ... ويسكنُ هذا النَّابضُ المُتَفَجَّرُ؟

وهلْ تُطفِئُ الأيام نيرانَ ظُلْمْهاَ ... وَتَطْفَأُ نارٌ في دَمِي تَتَسعَّرُ؟

لئِنْ أَبْقَتَ الآمالُ منَّي، لَطالما ... تَقَلِّبْتُ في آلامِها أَتَضَوَّرُ

تَنَازَعُنِي من كلِّ وَجْهٍ بِساحِرٍ ... يُمَثِّلُ لي إِقْباَلَها وَيُصَوِّرُ

فيَهْوِي لها بعِضي وَبَعْضِيَ مُوثَوقٌ ... بأشواقِه الأخرى إلى حيثُ يَنظرُ

أَضاليلُ من سِحْرِ الحياةِ وَفِتْنَةٌ ... تَهاوَى إليها مُسْتهامٌ مُسَحَّرُ

أَبَى القلبُ إِلاّ أَنْ يَرَاها قريبةً ... كأنّ رضَاها مُزْنَةٌ تَتَحَدَّرُ

يَرِفُّ شبابُ القلبِ في قَسَماَتِها ... تكادُ تراهُ ضاحكاً يَتَحَيَّرُ

تُضِئُ ليالِي هَمِّهِ بِخَيالِها ... كما سَلَّ همَّ الّليْل نَجْمٌ مُنَوِّرُ

وهيهاتَ! ضَلَّ القلبُ إِنّ بقاَءها ... بَقاءُ رَبيعِ الزَّهْرِ أو هُو َأَقْصَرُ

سَرتْ فِي دَمٍ يَغْلِي كأنَّ انِدفاقهَُ ... منَ القلب ينْبُوعٌ من الوجْدِ يُسْجَر

تُمَّرُ به الأفكارُ وَهْيَ نِدَّيةٌ ... فما هِيَ إِلاّ جَمْرَةٌ تَتَدْهَورُ

إذا سكَنَتْ في الَّليْل كلُّ خَفِيَّةٍ ... سمعتُ صَليلا في دَمِي يتحدَّرُ

فَهَلْ ترحَمُ الأيامُ أو تهدأ المنَى؟ ... أَبى حُبُّهَا إِلا شَقَاءً يَدِّمرُ

محمود محمد شاكر

<<  <  ج:
ص:  >  >>