للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دائرته ففي ذلك تعجيز له، إذا انه يجب أن يكون مطلق الحرية في التعبير عن احساسه، وما المذاهب الا قوانين وحدود وضعت للدراسات الادبية، ولكنها لم توضع للكاتب، لانه فنان بطبعه، يكتب باحساسه ووجدانه وبصيرته، وهذه لا تعرف شيئاً اسمه المذاهب.

وفي الواقع نجد ان المذهب الواقعي الاصيل، مذهب جامد جدا، وقد لطفه وغيره الكتاب الواقعيون بعد زولا، إذا انهم لم يستطيعوا ان يسيروا على مقتضاه، وقد رأينا زولا نفسه، بالرغم منه، يخرج عليه بدون أن يشعر، فزولا كاتب عبقري، كان يكتب مدفوعاً بوحي والهام، وقد عارض نفسه وكذبها كثيراً في مؤلفاته.

ولذلك لا نصف فن تيمورد (بالواقعية)، وإنما تصفه (بالصراحة)، وأهم مميزات الصراحة، حصر الذهن في هذا الموضوع والتخلص من الشعور الرقيق المصطنع ومن الخيال المترامي الاطراف، فهو قبل أن يكتب ينظرا ولا إلى الاشياء نظرة ثاقبة، يحاول أن يصفها كما هي دون اسراف في العواطف أو تعمق في الخيال، أو التجاء إلى الغموض، وبدون أن يسمح لشخصيته أن تحول بينه وبين موضوعه، فأقاصيصه هي هي تلك البطيعة المصرية البسيطة، التي جلبت على الخير والقناعة والايمان بقضاء الله، وفنه عبارة عن مرآة تنعكس عليها الحياة المصرية كما هي، دون زخرفة أو تجميل، ولا عدسات تواجه هذه الحياة فتظهرها على غير حقيقتها.

وقد ينظر بعض النقدة إلى أن العواطف الفطرية والبساطة الادبية التي تتسم بها أقاصيص تيمور، لا نتفق ولاجادة الفنية أو النزعة الانسانية التي هي إحدى دعامات الادب الحديث، على ان بساطه تيمور هي السرف في قوتها وتأثيرها، فهي تمشى مع الفن جبناً إلى جنب، وقد يكون هذا من الغرابة بمكان، فانك في (العودة) وهي أولى أقصوصات الكتاب، تلمح أثر هذه الروح.

للكلام بقية

محمد أميين حسونة

<<  <  ج:
ص:  >  >>