للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأمومة عند العرب]

للأستاذ رفعة الحنبلي

(بقية ما نشر في العدد الماضي)

هناك نوع آخر من أنواع النكاح اشتهر به العرب، كما اشتهرت بالنكاح الوقتي، أعني به: نكاح الذواق الذي كان يعقد دون شريطة ما، ويحل من نفسه إذا أراد ذلك أحد الطرفين متى لم يجد فيه اللذاذة والتنعم، ومتى فقد منه الميل والعطف

على أن هنالك بعض أنواع من النكاح كان شائعاً بين العرب في أيام الجاهلية شيوع الناكحين السابقين. جاء عن عائشة زوج النبي العربي: أن (النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء: فنكاح منها، نكاح الناس اليوم يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته فيصدقها ثم ينكحها؛ ونكاح آخر كان الرجل يقول لأمرته إذا طهرت من طمثها أرسلي إلى فلان فاستبضِعي منه ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبداً حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه، فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب، وإنما يفعل ذلك رغبة منه في نجابة الولد، فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع؛ ونكاح آخر يجتمع الرهط ما دون العشرة فيدخلون على المرأة، كلهم يصيبها، فإذا حملت وضعت ومر عليها ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها؛ تقول لهم: قد عرفتم الذي كان من أمركم وقد ولدت فهو ابنك يا فلان: تسمي من أحبت باسمه، فيلحق به ولدها لا يستطيع أن يمتنع منه الرجل؛ ونكاح رابع يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن جاءها، وهن البغايا كن ينصبن على أبوابهن رايات تكون علماً، فمن أرادهن دخل عليهن فإذا حملت إحداهن، ووضعت حملها، جمعوا لها ودعوا القافة ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون فالتاط به ودعي ابنه لا يمتنع من ذلك

لم تكن تلك الأنواع من الزواج إلا عادات تأصلت في أخلاق القوم، وتمكنت من نفوسهم، فبقيت ظاهرة مدة طويلة بين العرب حتى بعد الإسلام، وبعد أن هدم صاحب الشريعة الإسلامية نكاح الجاهلية كله إلا نكاح الناس اليوم، ذلك أن العرب لم تثنهم الأوامر الإلهية، ولا الشرائع السماوية عن هذه العادات التي ورثوها عن آبائهم الأولين، جيلاً بعد جيل، ولم تحملهم دفعة واحدة على التمسك بالزواج الشرعي

<<  <  ج:
ص:  >  >>