للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ومن الحق أن ابن العلقمي لم يخن ولم يهن في خدمة المستعصم، فلما فتحت بغداد ورأى زوال الدولة العباسية ووزارتها من المحققات؛ سعى في تنجية نفسه من الموت وداره من التحريق ودار كتبه المحتوية على عشرة آلاف مجلد من النهب، فاستشفع بنصير الدين الطوسي إلى هولاكو وأوصل إليه كتاباً فيه (ملحمة) من ملاحم الشيعة تثبت صلاح أعماله ووجاهة فتحه لبغداد، فقد قال قطب الدين الحنفي (إن مجد الدين بن طاوس وسديد الدين يوسف بن المطهر الحلي أرسلا كتاباً إلى هولاكو على يد ابن العلقمي يروونه عن علي بن أبي طالب - رض - صورته (إذا جاءت العصابة التي لا خلاق لها لتخربن يا أم الظلمة ومسكن الجبابرة وأم البلايا، ويل لك يا بغداد وللدور العامرة التي لها أجنحة كالطواويس، تنماثين كما ينماث الملح في الماء. ويأتي بنو (قنطورا) مقدمهم جهوري الصوت لهم وجوه كالمجان المطارقة وخراطيم كخراطيم الفيلة لم يصل إلى بلدة إلا افتحها ولا إلى راية إلا نكسها، فلما وصل الكتاب إلى هولاكو أمر أن يترجم له، فلما قرأه أمر لهم بسهم الأمان وسلموا بذلك من القتل والنهب)

قال عبد الرزاق بن االفوطي بعد وقعة بغداد (وأما أهل الحلة والكوفة فانهم انتزحوا إلى البطائح بأولادهم وبما قدروا عليه من أموالهم وحضر أكابرهم من العلويين والفقهاء مع مجد الدين بن طاوس العلوي إلى حضرة السلطان هولاكو وسألوه حقن دمائهم فأجاب سؤالهم وعين لهم شحنة، فعادوا إلى بلادهم وأرسلوا إلى من في البطائح يعرفونهم ذلك، فحضورا بأهلهم وأموالهم وجمعوا مالا عظيما وحملوه إلى السلطان هلاكو فتصدق عليهم بنفوسهم، وكان أهل الكوفة والحلة والسيب يجلبون إلى بغداد الأطعمة فانتفع الناس بذلك، وكانوا يبتاعون بأثمانها الكتب النفيسة وصفر المطعم وعيره من الأثاث بأوهى قيمة فاستغنى بهذا الوجه خلق كثير منهم

ولو كان ابن العلقمي قد خان المستعصم ومالأ هولاكو عليه لخشى هولاكو غدره وخاف خيانته ولم يوله الوزارة الإقليمية فانه لما رحل عن بغداد عائداً إلى بلاده فوض أمرها إلى الأمير (علي بهادر) وجعله شحنة بها والى الوزير مؤيد الدين بن العلقمي وصاحب الديوان فخر الدين بن الدامغاني ونجم الدين أحمد بن عمران الباجسري ونجم الدين عبد الغني بن الدرنوس وشرف الدين العلوي المعروف بالطويل فتوفى ابن العلقمي بعد فتح بغداد بثلاثة

<<  <  ج:
ص:  >  >>