للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لو أردت أن أضرب أمثلة كثيرة لهذا النوع من الدراسة، لأتيت بالكثير ولوجد فيه قراء الرسالة طُرفاً لا تدور لهم بخلد، ولا تخطر لهم على بال، ولكني أكتفي الآن - والآن فقط - بأن أصف ما كان لذلك من أثر تحس به مناهج الدراسة!

مازال علماء بعض الكليات يقرءون في المنطق من أول العام إلى اليوم، (وأرجو أن يلاحظ القراء أنه لم يبق من العام الدراسي إلا أيام معدودات)، فلم يخرجوا بعد عن مقدمات هذا العلم، ولم يصلوا إلى بحث من صميم أبحاثه!

وما زال الذين يدرسون علم الأصول من أول العام يتحدثون عن أدلة التشريع. أستغفر الله، بل يسردون أدلة التشريع التي هي الكتاب والسنة والإجماع والقياس، فأين هم اليوم؟ إنهم لم يتجاوزوا تعريف الكتاب تعريفاً فنياً إلا منذ عهد قريب، ومضى العام في معرفة ما هو علو الأصول، وما منزلته بين العلوم، وما ثمرته، الخ. بل ليس في هذه الموضوعات خالصة، فإن فيها على كل حال بحثاً علمياً مفيداً، ولكن في العبارات التي عبر بها المؤلف عن هذه المسائل، وفيما نقده من هذه العبارات شراح الكتاب وحواشي الكتاب! فأي ضياع هذا الضياع؟ وعلى حساب من؟

لماذا نحتفظ بأمثال هذه الكتب، ونحرص عليها، وفيها هذا الإرهاق وهذا البطء؟ ولماذا نأزم بها أنفسنا وأبناءنا؟ ألأنها أثرية؟ فأقيموا معهداً للدراسات الأثرية إن كنتم حريصين على الدراسات الأثرية إلى هذا الحد

هذه بعض العيوب التي يحس بها الأزهريون الناهضون أنفسهم قبل أن يحس بها الناس لهم. وفي الأزهر شباب ناهضون مستعدون للإنتاج والعمل، شباب أحسن الأستاذ الزيات في تسميتهم (شباب المراغي) لأن الأستاذ الإمام هو قائدهم الروحي، ليس في الإدارة فقط، ولكن في العلم والخلق والإصلاح

ولقد وجد فيه الأزهر الحديث ضالته المنشودة، فهو أول شيخ للأزهر لا يتعصب على الثقافة الحديثة. وهو أول شيخ للأزهر اشترك اشتراكاً عملياً في التشريع لخير البلاد. وهو واضع قانون الطلاق ومذكرته التي هي المثل الكامل للفقيه الذي تتطلع إليه آمالنا. وهو الذي اشترك اشتراكاً فعلياً في إلقاء الدروس على طلبة كلية الشريعة، لتكون مثالاً يحتذى، ويمضي على سننه المدرسون

<<  <  ج:
ص:  >  >>