للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأصناف بصورة عامة. وترجع أكثر الوثائق وكل الأخبار التي لدينا عن النظام الداخلي للأصناف إلى فترة التي تلت العهد المغولي

وقبل النظر في النظام الداخلي يجدر بنا أن نفحص مشكلة هامة في تاريخ الأصناف الإسلامية. فحوالي نفس الوقت الذي نجد فيه الأصناف تختلط بطرائق الدراويش والصوفية نجدها على اتصال أشد بنظام جديد وهو الفتوة. أما أصل حركة الفتوة فغامض جداً، وليس هذا بمحل البحث عن ذلك. ويكفي القول بأن تشكيلات الفتوة انتشرت في القرنين الثاني عشر والثالث عشر في جميع البلاد الإسلامية. وجمعية الفتوة هي مجموعة شبان (فتيان) يربطهم قانون أو دستور ديني وأخلاقي يحتوي على واجبات وشعائر منظمة. فهم مسئولون عن ممارسة بعض الفضائل والقيام بخدمة عسكرية لخير الإسلام. ويظهر من هذا أن الفتوة تشكل نظاماً إسلامياً يوازي الفروسية عند الأوربيين حتى أن فون همر ذهب إلى أن أصل الفروسية الأوروبية إسلامي

وفي الفترة التي تلت الفتح المغولي مباشرة نجد الفتوة تميل أكثر فأكثر إلى الاتصال بالطرائق الصوفية وبأصناف الحرف بواسطة رابطة العضوية (أي الانتماء إليها في نفس الوقت). بدأ هذا التطور في الأناضول، وأنتشر بسرعة في أنحاء العالم الإسلامي، ولم يمضي زمن طويل حتى أصبحت كلمتا صنف وفتوة ذاتي مدلول واحد. أما كيف بدأ هذا الامتزاج، وعلاقة هذه التشكيلات المختلفة، فأمر غامض لم يوضح بصورة كافية حتى الآن

يلاحظ تشنر ثلاثة أدوار في تاريخ الفتوة، وهي ثلاث خطوات لانحلال اجتماعي مطرد: فيقول إن حركة الفتوة بدأت كحركة فروسية أرستقراطية، ثم تحولت فصارت حركة الطبقة المتوسطة في القرن الثالث عشر، وأخيراً انحطت في القرن الخامس عشر إلى أكثر من ذلك وأصبحت حركة للعوام. وهكذا اندمج الفتيان في أصناف الحرف. ومن جهة أخرى يقول ثورننج أن الصوفيين وأصحاب الحرف قلدوا جمعيات الفتوة مقتبسين شعائرهم ومثلها العليا وأخيراً اسمها. وأكثر هذه التعليلات إقناعاً هو تعليل (كوردلفسكي) الذي يتفق مع كوبرولو على أن زمن اندماج مجموعات الفتوة بالأصناف هو في القرن الثالث عشر في الأناضول، ويربط ذلك بنظام هام هو نظام (أخيان روم) أو (أخوة الأناضول). فقد ظهرت أخوة في أناضوليا لأول مرة في السنوات التي تلت الفتح المغولي مباشرة، إذ كانت

<<  <  ج:
ص:  >  >>