للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وأوضعت في عمايتك، وأنا أريد صلاح أمرك، وجئت تناقشين وتفاطنين وفي حديثك الزور، كأنه بعض هاتيك الأصباغ التي تموهين بها على الناس، وأنطلق لسانك يطمع في أن يدلل على أن المرأة هي نور الحياة وبهجتها وجمالها الساطع

وتبدت لي فلسفة المرأة الفجة في كلماتك الخاوية، وفي عيني أن المرأة عذاب القلب والنفس والعقل والدار جميعاً، لا يخلص الرجل من واحدة إلا ليرتدغ في واحدة

وسخرت من الدار، فسخرت هي من انصداع شملك وتشعب غايتك؛ وانفلتِّ من حدود المرأة، فانفجرت لك الحياة عن مأساة لا تنتهي، وأصبحت أضحوكة الشارع، لأنك تمثلين على مسرحه كل يوم مهزلة؛ وتصنعت للرجل فألفيت فيه الصاحب، وافتقدت فيه الزوج

ولمزت فتاة الدار فرقاً من أن تسمو عليك، فذهبتُ أثير فيك نوازع مكفوفة على أستل جماع رأيك، فقلت: (لا ريب ففتاة الدار هي في رأينا مطية الدار، وهي بنت الحجن، وهي عَيْر الحي و. . . ثم كيف تجد الزوج، وهي في غياهب البيت وظلام الحياة؟)

فقلت: وإذن ففتاة الشارع قد حطمت هذا القيد الذهبي لتبحث. . . لتبحث عن الزوج؛ وهي في بحثها تقارن وتختار اختياراً فاجراً، وتعرض على عيني الرجل الغريب، في سوق الزواج، محاسنها القبيحة وقبحها الفتان. ولا عجب إن هي ضلت الطريق ففقدت الدار والزوج معاً!

وقلت: إن اختلاط المرأة بالرجل يعلمها حكمة لا ينطلي عليها خداع الشاب ولا مكره ولا حيلته، وللشاب أساليب ملتوية يغتر بها الشيطانة. فقلت: يا سيدتي، إن الجدار سد يحول بينك وبين خير الشاب وشره

وقلت: إن المرأة تجد - خارج الدار - حياتها وعملها وكسبها. فقلت: لقد خلقت المرأة لتكون أماً، وليس في الشارع أطفال سوى اللقطاء

وقلتِ وقلتُ. . .

ثم أعيتني الحيلة فانطويت عنك لأنك ترفعت عن أن تكوني سيدة الدار، وفي رأيي أنك هويت لتكوني ابنة الشارع

أتذكرين يوم أن جئت لك بقناع يدرأ عنك العين المتطفلة النهمة؟ لقد كان صفيقاً هوناً ما، يا عزيزتي، فطرحته جانباً وأنت تقولين (لو كان رقيقاً!) فاستبدلت به غيره، غير أني رأيت

<<  <  ج:
ص:  >  >>