للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

الصدأ. . .

للقصصي الفرنسي جي دي موباسان

لم يكن له في حياته سوى (غِيِة) واحدة، غية نهمة، لا تعرف الشبع: (الصيد!)

كان يصطاد كل يوم من الصباح إلى المساء في لهفة وشوق، وكان يصطاد في الشتاء والخريف وفي الربيع والصيف، وكان يصطاد في الغدران حين كانت الأنظمة تحظر الصيد في الغابات والإحراج، وكان يصطاد بجميع أنواع الصيد: بالعدو، وبالكلب المتحفز والكلب الراكض، والكمين، والمرآة والفتاش. . .

ولم يكن يتحدث عن شئ غير الصيد، ولم يكن يحلم بشيء غير الصيد!. . . ولم يكن لينقطع عن التردد: يا لشقاء من لا يحب الصيد!. . .

ومع أنه تجاوز العقد الخامس من حياته، فإنه صحته لا تزال جيدة، بحيث لا يظن أنه تخطى عتبة الشباب، بالرغم من الصلع الذي فتك بشعر رأسه؛ وهو إلى ذلك شديد البأس قوي البنية ضخم الجسم

وكان يحلق ما تحت الشارب ليكشف جيداً عن شفتيه، ويجعل دائرة الفم حرة ليسهل عليه النفخ في البوق

ولم يكن أحد في المنطقة يدعوه بغير اسمه الخاص: (السيد هيكتور)، مع أن اسمه البارون هيكتور غونتران دي كورتلين

وكان يقطن في وسط الإحراج، في مزرعة صغيرة انتقلت إليه بالإرث؛ ومع أنه كان يعرف جميع الطبقة الأرستقراطية في المقاطعة، ويتقابل مع جميع أفرادها الذكور في أماكن الصيد، فإنه لم يكن يتردد بصورة فعلية على أكثر من أسرة واحدة هي أسرة (كورفيل) التي تقطن بجواره وتخلص له الود، والتي عقدت أواصر القرابة بين أسرته وبينها منذ أجيال عديدة

وكان حبيباً إلى هذه الأسرة عزيزاً لديها، مكرماً محترماً؛ وكان كثيراً ما يقول لأفرادها:

- لو لم أكن صياداً لما وددت الابتعاد عنكم قط! وكان السيد دي كورفيل صديقه ورفيقه منذ عهد الحداثة، وكان مزارعاً شريفاً يعيش عيشة هادئة مع زوجه وابنته وصهره السيد دي

<<  <  ج:
ص:  >  >>