للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أما إيطاليا فطبيعة موقعها الجغرافي تشطر البحر الأبيض إلى شطرين: الجزء الشرقي والجزء الغربي. والقسم الأخير شديد الخطورة نظراً لكثرة مواقع إيطاليا البحرية عليه، ولأن شواطئها تكون جزءاً منه يمتد من ميناء جنوة بطول الساحل الإيطالي حتى جزيرة صقلية إلى جزيرة بنتلاريا التي تقف في وسط المضيق فتتحكم في طرق الملاحة

تونس

ولا يضايق هذا الخط إلا شاطئ الإفريقي في تونس، وقد أنشأت عليه فرنسا ميناء بيزرت؛ ولعل هذا الوضع يوضح خطورة مطالبة إيطاليا بتونس التي تجعل خطها مقفلاً لو تيسر لها الاستيلاء عليه، ويساعد هذا الخط المواقع البحرية التي أنشئت على جزيرة سردينيا الإيطالية، فلا يقتصر تهديده على مواصلات البحر الأبيض بين شرقه وغربه، بل يتعدى إلى تهديد خطوط المواصلات بين فرنسا ومستعمراتها في أفريقيا

وهذه المواصلات هامة جداً في نظر فرنسا، لأنها الطريق القصير لنقل قوات المستعمرات إلى فرنسا لتغذية قوات خطماجينو، ولم تغفل فرنسا خطورة مواقع القواعد الإيطالية، فأعدت في قورسيقا مينائين خطيرين لهما من حصانتهما ما يكفل إفساد الخطط الإيطالية. وقد اشتغل فيما أمهر المهندسين الفرنسيين، حتى جعلوهما من أمنع المواقع؛ وما زالت أسرار دفاعهما وهجومهما سراً محظوظاً في صدور منشئيهما؛ ولم تتح زيارة بعض مواقعهما إلا لصحافي واحد لم يخرج من زيارته لهما إلا ببعض معلومات زهيدة وصور شائعة.

ولا يسع الباحث أن يتجاهل موقف أسبانيا في هذا الصراع فإن حكومتها الحالية وليدة الأطماع الدكتاتورية في إيطاليا وألمانيا ولها جزر الباليار التي قيل أثناء الحرب الأهلية الأسبانية إن إيطاليا أعدتها لقطع مواصلات فرنسا مع مستعمراتها؛ فإذا انحازت إلى جانب الدكتاتورية، فإن الخط يتضخم، على أنه لن يحد من نشاط الحلفاء، فيسهل تحويل طرق الملاحة إلى المحيط. ولن تستطيع القوات المعادية أن تقترب من الشواطئ الإفريقية لخطورة المواقع البحرية التي أنشئت عليها بطول الساحل من المرسى الكبير إلى بيزرت.

الحصر الاقتصادي

<<  <  ج:
ص:  >  >>