للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

من آداب الصين الحديثة

قصة الراعي المحزنة

للكاتب الصيني قوموجو

- ١ -

استقدمتني إلى كوريا من وراء البحار على بعد آلاف الأميال، واستقبلتني تلك الأرواح العلية لجبال كُنج كنج الشامخة الكثيرة القمم، فلما وصلت إلى كوريا نزلت في قرية صغيرة على سفح كنج كنج مشرفة على البحر الياباني اسمها (حي الأرواح والأولياء) وكان في القرية بضعة عشر كوخا مواجهة للبحر متكئة على الجبل، ليست قديمة متهدمة ولا حديثة مزدانة، وكان أمام كل بيت بستان جميل تتسلق على جدرانه الفروع ذات الأزهار الناضرة لزكية، وتبدو من بين المنازل والحدائق أشجار عالية، وكانت تحوط القرية غابات كثيفة من الصنوبر؛ وثمة أراض قليلة على مقربة من القرية كانت مفروشة ببساط من شجيرات القمح والشعير، وكان يجري في خلال الغابة الواقعة في الجنوب الغربي من القرية نهر يسمى نهر الغناء، يتجمع من السيول المنحدرة من قمم كنج كنج وله صوت حزين غاضب وهو يسير صوب البحر الياباني

ارتاب أهل القرية في أمري حينما بلغتها وظنوا أنني صيني مزيف فلم يرضوا أن أنزل عندهم. غير أن سيدة كريمة في أقصى القرية أشفقت عليَّ بعدما سمعت كلامي وعرفت قصدي وأنني بعيد عن أهلي وأقاربي فأذنت لي بالنزول عندها، وآنست وحشتي بكلمات وجدت لها برد الراحة بعد التعب الذي لقيت في سفري الطويل الشاق. وكانت السيدة بوذية تعيش في وحدة تصوم وتصلي وقد جاوزت الخمسين من عمرها، وكان على الباب شعر منثور مكتوب على ورق أبيض؛ كما هي عادة الكوريين؛ فلما دخلت الباب وجدت فضاء مسوراً مزيناً ببعض الأشجار والأزهار ومنزلاً مكوناً من ردهة واسعة على جانبيها حجرتان، وللردهة باب جانبي ينفذ إلى المزارع التي خلف المنزل والتي تظهر لمن يراها كأنها متصلة بجبل كنج كنج، وكانت في وسط الردهة منضدة عالية عليها تمثال بوذا من

<<  <  ج:
ص:  >  >>