للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

انتظرتني السيدة الكريمة حتى أتممت قراءتها كتاباً كتاباً ثم قالت لي بصوت هادئ حزين:

- لعلك قد عرفت القصة بوضوح أيها الضيف الكريم؛ فقد مات أبني الوحيد في تلك الليلة المشئومة، ليلة ١٦ يونية. وقد جاءنا في ظهر اليوم التالي راهب صغير وقدم لزوجي رسالة، فخرج من فوره، وكنت أظن سيدنا استدعاه لأمر مهم فإذا به يعود بعد منتصف الليل متعباً سكران، ثم لم يلبث أن جاء طارق يطرق بابنا، فلما فتحته وجدت اثنين من الرهبان فصاحا قائلين:

- واحزنا أيتها السيدة الكريمة! لقد قتل ابنك الكريم!

فلما سمعت كلمتهما أخذتني رعدة شديدة. وخرج زوجي فجأة من الغرفة كأنه قد سمع ما أخبراني به، وصاح قائلاً:

- أواه! لقد غلطت في القتل! لقد غلطت في القتل! ثم خرج من الباب مسرعاً!

وذهبت إلى المعبد عَدْواً، فلما دخلت الحجرة التي ينام فيها ولدي، وجدت على مكتبه رسالة مكتوباً فيها: (إلى أمي المحبوبة من ولدها يين). فأخذتها ووضعتها في جيبي، وأسرعت إلى المكان الذي يزدحم فيه الناس حول القتيل، فرأيت ابني يين مخضباً وجهه بالدماء وقد سكن قلبه وبرد حسه، فسقطت على الأرض مغشياً عليَّ

ولما افقت من الإغماء وجدت السماء صافية والشمس ساطعة، ظننت أني كنت في حلم مخيف، وحدقت فيما حولي فوجدتني نائمة في حجرة الفتاة الصغيرة، ووجدتها ساكتة بجانبي؛ ولما رأتني قد أفقت أحنت جسمها وأخذت تعزيني، فازداد بذلك حزني وبكائي، وبكت الفتاة معي

وبعد قليل دخل السيد مين وزوجته السيدة لي وقال لي السيد: (يجب أن ندفن ولدنا يين؛ فلماذا لم يظهر أبوه إلى الآن؟)

لما سمعت ذلك عرفت أن زوجي لم يجئ إلى المعبد قط، ثم تذكرت الكتاب الذي تركه ابني على مكتبه فطلبت من الفتاة أن تخرجه من جيبي وتقدمه إلى والدها ليقرأه؛ فما كاد يتناوله حتى سقط من يده كتاب آخر، هو الكتاب السري الذي كتبته السيدة لي إلى زوجي، فلما رأته السيدة لي خرجت مسرعة وأخذ السيد يقرأ كتاب ابني، وخرجت الفتاة الصغيرة فقدرت أنها ذهبت لتأخذ اليوميات من درج المكتب. وقرأ السيد الكتاب السري فازداد

<<  <  ج:
ص:  >  >>