للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكرته وإحساسه وخياله اللفظة الخاصة بها، التي تعطي لونها من لغة الكلام.

ويستهل هذا الكتاب بفصل مستفيض عن الجمال، ترى الكاتب بأسلوب المنشئ البليغ يعرض لماهية الجمال، ولغلبة الأصل الفني في نفس الكاتب نجده يبتعد عن مناقضات الفلاسفة وعلماء الجمال (البديع) فالجمال عنده يقوم على القوة والوفرة والذكاء، وينشئ في الذهن فكرة سامية، ويبعث في النفس إحساساً وشعوراً صادقاً، ويثير الخيال ويحرك التصوير. وهو تبسيط في شرح هذه المبادئ تبسط الأديب الفنان الذي لا يعنيه الأسباب قدر ما يعنيه الكنه والروح، وينتهي من بحثه إلى نتائج مهما نازعته في أمرها، فلا يمكنك أن تنكر عليه بعد ذلك صفة العمق في الفكرة والدقة في التصوير والصدق في التعبير. ثم هنالك فصل عن الرافعي يعتبر من خير الفصول الأدبية التي كشفت عن عبقرية هذا الأديب الذي لا نشك لحظة في أنه سيخلد ما بقيت العربية وبقي إنسان يعرفها. وفي هذا الفصل يبين الزيات خصائص أدب الرافعي في قصد واعتدال، فالفكرة مبسوطة بقدر، والتعبير نازل تماماً على قدر المعنى.

والحقيقة أن الزيات قد خلف في مدرسة البيان العربي المرحوم الرافعي، وهما على ما بينهما من اختلاف في الطبع وتباين في المزاج وتفاوت في الثقافة إلا أن قوة الفن وحركة الذهن تجمعهما. وإن كان ذهن الزيات يختلف عن ذهن صاحبه من جهة الصفاء وعدم انقطاع الصلة بينه وبين عقل الناس. فمعانيه مفهومة وهي ذات أصل دقيق من الفكر. وفكر الزيات ملتقى العقلين العربي والغربي، العربي في جلالته وروعته، والغربي في عظمته وترتيبه وانتظامه ودقته.

وجملة القول أن هذا الكتاب من خير الكتب التي تمسك على الناشئة أسلوبهم وتميل بتعبيرهم إلى البيان الصحيح، ومن هنا كان جديراً بالتقدير، إذ يقف أمام عوامل المجمة والتضعضع الطاغية على أقلام الناشئين من كتاب اليوم.

(أدهم)

<<  <  ج:
ص:  >  >>